" اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا " (الرعد:2).
يستهل ربنا (تبارك وتعالى) سورة الرعد بقوله (عز من قائل) : " الـمر تِلْكَ آيَاتُ الكِتَابِ وَالَّذِي أُنـزِلَ إليكَ مِن رَّبِّكَ الحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ .اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ " (الرعد:1,2) , وفي هاتين الآيتين الكريمتين يؤكد ربنا (تبارك وتعالى) أن الوحي بالقرآن الكريم إلى خاتم الأنبياء والمرسلين (صلى الله عليه وسلم) هو الحق المطلق , المنزل من الله (تعالى) , والذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه , وإن كان أكثر الناس لا يؤمنون به .
والإيمان بالوحي من ركائز الإيمان بالله , ودعائم الإسلام (أي التسليم له تعالى بالطاعة في العبادة) لأن الذي يؤمن بأن الوحي هو كلام الله الخالق يسلم بمحتوي هذا الوحي من أمور الغيب وضوابط السلوك من مثل قواعد العقيدة , وتفاصيل العبادة , ودستور الأخلاق وفقه المعاملات , وما يصاحب ذلك من قصص الأمم السابقة (الذي جاء للعظة والاعتبار) , وخطاب للنفس الإنسانية من خالقها وبارئها يهزها من الأعماق هزا , ويرقى بها إلى معارج الله العليا . . .!! وأول أسس العقيدة الصحيحة هو التوحيد الخالص لله تعالى بغير شريك ولا شبيه ولا منازع , والإيمان بما أنزل من غيب [الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله (بغير تفريق ولا تمييز) , وبالقدر خيره وشره (بكل الرضى والتسليم) , وبالبعث والحساب والجنة والنار , وبالخلود في حياة قادمة (بغير أدنى شك أو ريبة] .
وهذا الإيمان الصحيح يستتبع الخضوع الكامل لله (تعالى) بالعبادة والطاعة , وحسن القيام بواجب الاستخلاف في الأرض في غير استعلاء ولا تجبر , والسعي الحثيث لإقامة عدل الله (تعالى) فيها , وكل ذلك من صميم رسالة الإنسان في هذه الحياة , ومن ضرورات تحقيق النجاح فيها :
والقرآن الكريم الذي أوحاه ربنا (تبارك وتعالى) إلى خاتم أنبيائه ورسله (صلى الله عليه وسلم) , وتعهد بحفظه كلمة كلمة , وحرفا حرفا , فحفظ على مدي أربعة عشر قرنا أو يزيد , وإلى أن يرث الله (تعالى) الأرض ومن عليها يستدل على صفائه الرباني , وعلى وحدانية الخالق العظيم , وطلاقة قدرته , وكمال علمه وحكمته بآياته الكريمة ذاتها , ومالها من جمال , وكمال , وصدق , كما يستدل على ذلك أيضا بعدد من آيات الله الكونية الكبرى وفي مقدمتها رفع السماوات بغير عمد يراها الناس . . .!!! وهو من الأمور الظاهرة للعيان , والشاهدة على أن للكون إلها خالقا , قادرا , حكيما , عليما , أبدع هذا الكون بعلمه , وحكمته وقدرته , وهو قادر على إفنائه , وعلى إعادة خلقه من جديد .
وعلى الرغم من ذلك فإن أكثر الناس غافلون عن كل هذه الحقائق , ومضيعون أعمارهم في شقاق , ونفاق , وعناد , من أجل الخروج على منهج الله , وإتباع الشهوات المحرمة , والمتع الخاطئة المدمرة , والاستعلاء الكاذب في الأرض , والولوغ في الظلم , وإفساد الحياة . .!!!
وأغلب المنكرين لدين الله الحق الذي جاء به خاتم الأنبياء والمرسلين (صلى الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين) ينطلقون من غفلتهم هذه لينكروا البعث , والحساب , والجنة , والنار , والخلود في حياة قادمة انطلاقا من كفرهم بالله الخالق , وبملائكته , وكتبه , ورسله , ولا يجدون في رفع السماء بغير عمد يرونها آية من الآيات المادية الملموسة التي نشهد له (تعالى) بطلاقة القدرة , وكمال الحكمة , ودقة التدبير . .!!!
وتستمر الآيات القرآنية في نفس السورة باستعراض عدد غير قليل من آيات الله في الكون لعلها توقظ أصحاب العقول الغافلة , والضمائر الميتة إن كانت لديهم بقية من القدرة على التفكير السليم , أو التعقل الراجح . فإن أصروا على كفرهم بالله , وإنكارهم لرسالته الخاتمة , وما تضمنته من أمور غيبية , وفي مقدمتها قضية البعث , فليس من جزاء لهم أقل من الخلود في النار , والأغلال في أعناقهم , إمعانا في إذلالهم جزاء كفرهم وإنكارهم لآيات الله الخالق المقروءة في رسالته الخاتمة والمنظورة في كونه البديع . .!!!
ورفع السماوات بغير عمد يراها الناس مع ضخامة أبعادها , وتعاظم أجرامها عددا وحجما وكتلة , هو من أوضح الأدلة على أن هذا الكون الشاسع الاتساع , الدقيق البناء , المحكم الحركة والمنضبط في كل أمر من أموره لا يمكن أن يكون نتاج المصادفة المحضة , أو أن يكون قد أوجد نفسه بنفسه , بل لابد له من موجد عظيم له من صفات الكمال والجمال والجلال والقدرة ما يغاير صفات خلقه قاطبة : " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ " (الشورى:11), من أجل ذلك يؤكد القرآن الكريم حقيقة رفع السماوات بغير عمد يراها الناس , وإبقاءها سقفا مرفوعا , وحفظها من الوقوع على الأرض ومن الزوال إلا بإذن الله , وذلك في عدد من آيات أخري من كتابه العزيز يقول فيها ربنا (تبارك وتعالى) :
(1) " خَلَقَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا " (لقمان:10) .
(2) " وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفاً مَّحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ " (الأنبياء:32) .
(3) " أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي البَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ " (الحج:65) .
(4) " وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ الأَرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ " (الروم:25) .
(5) " إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً " (فاطر:41) .
(6) " وَالسَّقْفِ المَرْفُوعِ " (الطور:5) .
(7) " وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ المِيزَانَ " (الرحمن:7) .
(8) " أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا " (النازعات:28,27) .
(9) " أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ " (الغاشية:18,17) .
(10) " وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا " (الشمس:5) .
فكيف رفعت السماوات بغير عمد يراها الناس؟ وهل معنى الآية الكريمة أن السماء لها عمد غير مرئية أم ليس لها عمد على الإطلاق؟ هذا ما سوف نفصله في السطور التالية بإذن الله (تعالى) وقبل الدخول في ذلك لابد لنا من شرح لفظ (عمد) في اللغة العربية وفي القرآن الكريم.
لفظة (العمد) في اللغة العربية :
ثبات كواكب المجموعة الشمسية بالتعادل بين قوة الجاذبية والقوة الطاردة المركزية
يقال: (عمد) للشيء بمعني قصد له أي (تعمده) , و(العمد) و(التعمد) هو قصد الشيء بالنية وهو ضد كل من السهو والخطأ , و(العمد) على الشيء الاستناد إليه , ويقال: (عمد) الشيء (فانعمد) أي أقامه (بعماد) (يعتمد) عليه , و(عمدت) الشيء إذا أسندته , و(عمدت) الحائط مثله , و(العمود) ما تقام أو تعتمد عليه الخيمة من خشب أو نحوه ويعرف باسم (عمود البيت) , وجمعه في القلة (أعمدة) , وفي الكثرة (عمد) بفتحتين و(عمد) بضمتين , و(عمود) القوم و(عميدهم) السيد الذي (يعمده) الناس , و(العمدة) بالضم ما (يعتمد) عليه وجمعه (عمد) , و(العماد) بالكسر ما (يعتمد) أو هو الأبنية الرفيعة (تذكر وتؤنث) والواحدة (عمادة) ويقال: (اعتمد) على الشيء بمعنى اتكأ عليه , و(اعتمد) عليه في كذا اتكل عليه , وفلان رفيع (العماد) أي هو رفيع عند الاعتماد عليه , ويقال: سطع (عمود) الصبح أي ابتدأ طلوع نوره تشبيها (للعمود) والقلب (العميد) الذي يعمده الحزن , والجسد (العميد) الذي يعمده السقم , وقد (عمد) توجع من حزن أو غضب أو سقم , و(عمد) البعير توجع من عقر ظهره .
لفظة (العمد) في القرآن الكريم :
وردت لفظة (عمد) في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع على النحو التالي :
(1) " اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا " (الرعد:2) .
(2) " خَلَقَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا " (لقمان:10) .
(3) " نَارُ اللَّهِ المُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ إِنَّهَا عليهم مُّؤْصَدَةٌ فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ " (الهمزة:6-9) .
ووردت لفظة (عماد) في موضع واحد يقول فيه ربنا (تبارك وتعالى ) : " أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ العِمَادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي البِلادِ " (الفجر:6-8) .
وجاء الفعل (تعمد) ومشتقاتها في كتاب الله الكريم في ثلاثة مواضع على النحو التالي:
(1) " وَلَيْسَ عليكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً " (الأحزاب:5) .
(2) " وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عليه وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً " (النساء:93) .
(3) " مَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً " (المائدة:95) .
" اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا " (الرعد:2).
آراء المفسرين :
تعددت آراء المفسرين في شرح قوله (تعالى) : " اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا " (الرعد:2) .
وقوله (عز من قائل ) : " خَلَقَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا " (لقمان:10) .
فقال ابن كثير (يرحمه الله ) : السماء على الأرض مثل القبة , يعني بلا عمد , وهذا هو اللائق بالسياق , والظاهر من قوله تعالى" ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه " (الحج:65) , فعلى ذلك يكون قوله : (ترونها) تأكيدا لنفي ذلك , أي هي مرفوعة بغير عمد كما ترونها , وهذا هو الأكمل في القدرة .
كذلك روي ابن كثير عن ابن عباس(رضي الله عنهما) وعن كل من مجاهد والحسن (عليهما رضوان الله) أنهم قالوا: لها عمد ولكن لا تري , فتكون (ترونها) صفة (عمد) أي بغير عمد مرئية (أبو بعمد غير مرئية) , وأضاف أن هذا التأويل خلاف الظاهر المتبادر ولذلك ضعفه ابن كثير .
وذكر صاحبا تفسير الجلالين (يرحمهما الله): أن (العمد) جمع (عماد) وهو الاسطوانة [أي أن العمد موجودة ولكنكم لا ترونها] , وهو صادق أن لا عمد أصلا .
وفي تعليقه على هذا التفسير ذكر كنعان (أمد الله في عمره): قوله: وهو صادق بأن لا عمد لها أصلا هو إشارة إلى الوجه الثاني على القول بأن (ترونها) صفة لــ (عمد) , والضمير عائد إليها والمعني: رفعها خالية عن عمد مرئية , وانتفاء العمد المرئية يحتمل انتفاء الرؤية فقط أي: لها عمد ولكنها غير مرئية , ويحتمل انتفاء العمد والرؤية جميعا أي: لا عمد أصلا كما ذكر الجلال السيوطي (يرحمه الله) , وفي قول آخر: (ترونها) مستأنفة , وضميرها يعود لــ (السماوات) , والمعنى : رفعها بلا عمد أصلا وأنتم ترونها كذلك .
وذكر محمد عبده (رحمه الله) في تفسير قوله (تعالى) : والسماء وما بناها ما نصه : السماء اسم لما علاك وارتفع فوق رأسك وأنت إنما تتصور عند سماعك لفظ السماء هذا الكون الذي فوقك فيه الشمس والقمر وسائر الكواكب تجري في مجاريها , وتتحرك في مداراتها , هذا هو السماء . وقد بناه الله أي رفعه وجعل كل كوكب من الكواكب منه بمنزلة لبنة من بناء سقف أو قبة أو جدران تحيط بك , وشد هذه الكواكب بعضها إلى بعض برباط الجاذبية العامة , كما تربط أجزاء البناء الواحد بما يوضع بينها مما تتماسك به .
وقال صاحب الظلال (يرحمه الله) : والسماوات - أيا كان مدلولها , وأيا كان ما يدركه الناس من لفظها في شتي العصور - معروضة على أنظار , هائلة - ولاشك - حين يخلو الناس إلى تأملها لحظة , وهي هكذا لا تستند إلى شيء , مرفوعة (بغير عمد) مكشوفة (ترونها) . . ما من أحد يقدر على رفعها بلا عمد - أو حتى بعمد - إلا الله .
وذكر الغمراوي (يرحمه الله) واعجب معي من إعجاز الأسلوب والمعنى معا في قوله تعالى :" بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا " (لقمان:10) في كل من خلق السماء ورفعها . فلو قيل (بغير عمد) فحسب لكان ذلك نفيا مطلقا للعمد , مرئية وغير مرئية , والنفي المطلق يخالف الواقع الذي علم الله أنه سيهدي إليه عباده بعد نحو ألف وخمسين عاما من اختتام القرآن , فكأن من الإعجاز المزدوج أن يقيد الله نفي العمد في الخلق والرفع بقوله (ترونها) , والضمير المنصوب في (ترونها) يرجع أولا إلى أقرب مذكور وهو (عمد) فيكون المعنى : بغير عمد مرئية , أي بعمد من شأنها وفطرتها ألا تري , والفعل المضارع في اللغة يشمل الحال والاستقبال أو هو حال مستمر , لأن القرآن مخاطب به الناس في كل عصر .
وإذا أعيد الضمير إلى السماء كان المعني: أن السماء ترونها مخلوقة مرفوعة بغير عمد , وتكون العمد ما يعهده الناس في أبنية الأرض , ونفيها بهذا المعني عن السماء المرفوعة أيضا أمر عجيب لا يقدر عليه إلا الله وكلا الوجهين مفهوم من التعبير القرآني طبق اللغة , وإن كان الأولي في اللغة هو الوجه الأول الذي يحوي الإعجاز العلمي , وإذن فالوجهان كلاهما مرادان بالتعبير الكريم إذ لا مانع من أحدهما والزمخشري فهم المعنيين على التخيير , وإن أعطي الأولوية للمعني المستفاد من جعل (ترونها) صفة للعمد , أي بغير عمد مرئية , يعني أن عمدها لا تري , وهي إمساكها بقدرته .
أما الفخر الرازي فلم يرصد إلا هذا المعني الثاني إذ يقول : إنه رفع السماء بغير عمد ترونها , أي لا عمد في الحقيقة إلا أن تلك العمد هي قدرة الله تعالى وحفظه وتدبيره وإبقاؤه إياها في الحيز الحالي , وإنهم (أي الناس) لا يرون ذلك التدبير ولا يعرفون كيفية ذلك الإمساك .
وأضاف الغمراوي (يرحمه الله) وقد عرف علماء الفلك الحديث كيفية ذلك عن طريق تلك السنة الكونية العجيبة المذهلة: سنة الجاذبية العامة , التي قامت وتقوم بها السماوات والأرض بأمر الله كما قال سبحانه : " وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ " (الروم:25) .
وقد بقي من صور التعبير صورة , وهي أن يقال : (بعمد لا ترونها) بدلا من (بغير عمد ترونها) في الآيتين الكريمتين , وقد تجنبها القرآن لحكمة بالغة , فلو أنها جاءت فيه هكذا لاتجهت الأفكار بادئ ذي بدء إلى إثبات عمد في السماء أو للسماء , كالتي يعرفونها فيما يعلون من بنيان , ولأثبت العلم بطلان ذلك , وإن جاز على أهل العصور قبل , وجل وعز وجه الله أن يلم خطأ ما بكتابه من قريب أو بعيد .
وذكر الصابوني (أمد الله في عمره) في تفسير قوله تعالى:
" اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا " (الرعد:2) ما نصه: أي خلقها مرتفعة البناء , قائمة بقدرته لا تستند على شيء حال كونكم تشاهدونها وتنظرونها بغير دعائم , وذلك دليل على وجود الخالق المبدع الحكيم .
العمد غير المرئية في العلوم الكونية :
تشير الدراسات الكونية إلى وجود قوي مستترة , في اللبنات الأولية للمادة وفي كل من الذرات والجزيئات وفي كافة أجرام السماء , تحكم بناء الكون وتمسك بأطرافه إلى أن يشاء الله تعالى فيدمره ويعيد خلق غيره من جديد .
ومن القوي التي تعرف عليها العلماء في كل من الأرض والسماء أربع صور , يعتقد بأنها أوجه متعددة لقوة عظمي واحدة تسري في مختلف جنبات الكون لتربطه برباط وثيق وإلا لانفرط عقده وهذه القوي هي :
(1) القوة النووية الشديدة :
وهي القوة التي تقوم بربط الجزيئات الأولية للمادة في داخل نواة الذرة برباط متين من مثل البروتونات , والنيوترونات ولبناتهما الأولية المسماة بالكواركات (QUARKS) بأنواعها المختلفة وأضدادها (Anti-Quarks ) كما تقوم بدمج والتحام نوى الذرات مع بعضها البعض في عمليات الاندماج النووي (nuclearfusion) التي تتم في داخل النجوم , كما تتم في العديد من التجارب المختبرية , وهي أشد أنواع القوي الطبيعية المعروفة لنا في الجزء المدرك من الكون ولذا تعرف باسم القوة الشديدة ولكن هذه الشدة البالغة في داخل نواة الذرة تتضاءل عبر المسافات الأكبر ولذلك يكاد دورها يكون محصورا في داخل نوى الذرات , وبين تلك النوى ومثيلاتها , وهذه القوى تحمل على جسيمات غير مرئية تسمى باسم اللاحمة أو جليون(gluon) لم تكتشف إلا في أواخر السبعينيات من القرن العشرين , وفكرة القنبلة النووية قائمة على إطلاق هذه القوة التي تربط بين لبنات نواة الذرة , وهذه القوة لازمة لبناء الكون لأنها لو انعدمت لعاد الكون إلى حالته الأولي لحظة الانفجار العظيم حين تحول الجرم الابتدائي الأولي الذي نشأ عن انفجاره كل الكون إلى سحابة من اللبنات الأولية للمادة التي لا يربطها رابط , ومن ثم لا يمكنها بناء أي من أجرام السماء .
(2) القوة النووية الضعيفة :
وهي قوة ضعيفة وذات مدي ضعيف للغاية لا يتعدي حدود الذرة وتساوي 10-13 من شدة القوة النووية الشديدة , وتقوم بتنظيم عملية تفكك وتحلل بعض الجسيمات الأولية للمادة في داخل الذرة كما يحدث في تحلل العناصر المشعة , وعلى ذلك فهي تتحكم في عملية فناء العناصر حيث إن لكل عنصر أجلا مسمي , وتحمل هذه القوة على جسيمات إما سالبة أو عديمة الشحنة تسمى البوزونات (bosons) .
(3) القوة الكهربائية المغناطيسية (الكهرومغناطيسية) :
وهي القوة التي تربط الذرات بعضها ببعض في داخل جزيئات المادة مما يعطي للمواد المختلفة صفاتها الطبيعية والكيميائية , ولولا هذه القوة لكان الكون مليئا بذرات العناصر فقط ولما كانت هناك جزيئات أو مركبات , ومن ثم ما كانت هناك حياة على الإطلاق .
وهذه القوة هي التي تؤدي إلى حدوث الإشعاع الكهرومغناطيسي على هيئة فوتونات الضوء أو ما يعرف باسم الكم الضوئي (PhotonsorphotonQuantum) وتنطلق الفوتونات بسرعة الضوء لتؤثر في جميع الجسيمات التي تحمل شحنات كهربية ومن ثم فهي تؤثر في جميع التفاعلات الكيميائية وفي العديد من العمليات الفيزيائية وتبلغ قوتها137/1 من القوة النووية الشديدة .
(4) قوة الجاذبية :
وهي على المدى القصير تعتبر أضعف القوي المعروفة لنا , وتساوي 10-39 من القوة النووية الشديدة , ولكن على المدى الطويل تصبح القوة العظمى في الكون , نظرا لطبيعتها التراكمية فتمسك بكافة أجرام السماء , وبمختلف تجمعاتها , ولولا هذا الرباط الحاكم الذي أودعه الله (تعالى) في الأرض وفي أجرام السماء ما كانت الأرض ولا كانت السماء ولو زال هذا الرباط لانفرط عقد الكون وانهارت مكوناته .
ولا يزال أهل العلم يبحثون عن موجات الجاذبية المنتشرة في أرجاء الكون كله , منطلقة بسرعة الضوء دون أن ترى , ويفترض وجود هذه القوة على هيئة جسيمات خاصة في داخل الذرة لم تكتشف بعد يطلق عليها اسم الجسيم الجاذب أو (الجرافيتون) (Graviton)
وعلى ذلك فإن الجاذبية هي أربطة الكون .
والجاذبية مرتبطة بكتل الأجرام وبمواقعها بالنسبة لبعضها البعض , فكلما تقاربت أجرام السماء , وزادت كتلها , زادت قوي الجذب بينها , والعكس صحيح , ولذلك يبدو أثر الجاذبية أوضح ما يكون بين أجرام السماء التي يمسك الأكبر فيها بالأصغر بواسطة قوي الجاذبية , ومع دوران الأجرام حول نفسها تنشأ القوة الطاردة (النابذة) المركزية التي تدفع بالأجرام الصغيرة بعيدا عن الأجرام الأكبر التي تجذبها حتى تتساوي القوتان المتضادتان : قوة الجذب إلى الداخل , وقوة الطرد إلى الخارج فتتحدد بذلك مدارات كافة أجرام السماء التي يسبح فيها كل جرم سماوي دون أدني تعارض أو اصطدام .
هذه القوي الأربع هي الدعائم الخفية التي يقوم عليها بناء السماوات والأرض , وقد أدركها العلماء من خلال آثارها الظاهرة والخفية في كل أشياء الكون المدركة .
" اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا " (الرعد:2).
توحيد القوي المعروفة في الكون المدرك :
كما تم توحيد قوتي الكهرباء والمغناطيسية في شكل قوة واحدة هي القوة الكهرومغناطيسية , يحاول العلماء جمع تلك القوة مع القوة النووية الضعيفة باسم القوة الكهربائية الضعيفة(TheEle ctroweakForce) حيث لا يمكن فصل هاتين القوتين في درجات الحرارة العليا التي بدأ بها الكون , كذلك يحاول العلماء جمع القوة الكهربائية الضعيفة والقوة النووية الشديدة في قوة واحدة وذلك في عدد من النظريات التي تعرف باسم نظريات المجال الواحد أو النظريات الموحدة الكبر (TheGrandUnifiedTheorie) ثم جمع كل ذلك مع قوة الجاذبية فيما يسمي باسم الجاذبية العظمى (Supergravity) التي يعتقد العلماء بأنها كانت القوة الوحيدة السائدة في درجات الحرارة العليا عند بدء خلق الكون , ثم تمايزت إلى القوي الأربع المعروفة لنا اليوم , والتي ينظر إليها على أنها أوجه أربعة لتلك القوة الكونية الواحدة التي تشهد لله الخالق بالوحدانية المطلقة فوق جميع خلقه , فالكون يبدو كنسيج شديد التلاحم والترابط , ورباطه هذه القوة العظمي الواحدة التي تنتشر في كافة أرجائه , وفي جميع مكوناته وأجزائه وجزيئاته , وهذه القوة الواحدة تظهر لنا في هيئة العديد من صور الطاقة , والطاقة هي الوحدة الأساسية في الكون , والمادة مظهر من مظاهرها , وهي من غير الطاقة لا وجود لها , فالكون عبارة عن المادة والطاقة ينتشران في كل من المكان والزمان بنسب وتركيزات متفاوتة فينتج عنها ذلك النسيج المحكم المحبوك في كل جزئية من جزئياته .
الجاذبية العامة :
من الثوابت العلمية أن الجاذبية العامة هي سنة من سنن الله في الكون أودعها ربنا تبارك وتعالى كافة أجزاء الكون ليربط تلك الأجزاء بها , وينص قانون هذه السنة الكونية بأن قوة التجاذب بين أي كتلتين في الوجود تتناسب تناسبا طرديا مع حاصل ضرب كتلتيهما , وعكسيا مع مربع المسافة الفاصلة بينهما , ومعني ذلك أن قوة الجاذبية تزداد بازدياد كل من الكتلتين المتجاذبتين , وتنقص بنقصهما , بينما تزداد هذه القوة بنقص المسافة الفاصلة بين الكتلتين , وتتناقص بتزايدها , ولما كان لأغلب أجرام السماء كتل مذهلة في ضخامتها فإن الجاذبية العامة هي الرباط الحقيقي لتلك الكتل على الرغم من ضخامة المسافات الفاصلة بينها , وهذه القوة الخفية (غير المرئية) تمثل النسيج الحقيقي الذي يربط كافة أجزاء الكون كما هو الحال بين الأرض والسماء وهي القوة الرافعة للسماوات بإذن الله بغير عمد مرئية .
وهي نفس القوة التي تحكم تكور الأرض وتكور كافة أجرام السماء وتكور الكون كله , كما تحكم عملية تخلق النجوم بتكدس أجزاء من الدخان الكوني على بعضها البعض , بكتلات محسوبة بدقة فائقة , وتخلق كافة أجرام السماء الأخرى , كما تحكم دوران الأجرام السماوية كل حول محوره , وتحكم جرية في مداره , بل في أكثر من مدار واحد له , وهذه المدارات العديدة لا تصطدم فيها أجرام السماء رغم تداخلاتها وتعارضاتها الكثيرة , ويبقي الجرم السماوي في مداره المحدد بتعادل دقيق بين كل من قوي الجذب إلى الداخل بفعل الجاذبية وبين قوي الطرد إلى الخارج بفعل القوة الطاردة (النابذة) المركزية .
وقوة الجاذبية العامة تعمل على تحدب الكون أي تكوره وتجبر كافة صور المادة والطاقة على التحرك في السماء في خطوط منحنية (العروج) , وتمسك بالأغلفة الغازية والمائية والحياتية للأرض , وتحدد سرعة الإفلات من سطحها , وبتحديد تلك السرعة يمكن إطلاق كل من الصواريخ والأقمار الصناعية .
والجاذبية الكمية (QuantumGravity) تجمع كافة القوانين المتعلقة بالجاذبية , مع الأخذ في الحسبان جميع التأثيرات الكمية على اعتبار أن إحداثيات الكون تتبع نموذجا مشابها للإحداثيات الأرضية , وأن أبعاد الكون تتبع نموذجا مشابها للأرض بأبعادها الثلاثة بالإضافة إلى كل من الزمان والمكان كبعد رابع .
وعلى الرغم من كونها القوة السائدة في الكون (بإذن الله) فإنها لا تزال سرا من أسرار الكون , وكل النظريات التي وضعت من أجل تفسيرها قد وقفت دون ذلك لعجزها عن تفسير كيفية نشأة هذه القوة , وكيفية عملها , وإن كانت هناك فروض تنادي بأن جاذبية الأرض ناتجة عن دورانها حول محورها , وأن مجالها المغناطيسي ناتج عن دوران لب الأرض السائل والذي يتكون أساسا من الحديد والنيكل المنصهرين حول لبها الصلب والذي له نفس التركيب الكيميائي تقريبا , وكذلك الحال بالنسبة لبقية أجرام السماء .
موجات الجاذبية :
منذ العقدين الأولين من القرن العشرين تنادي العلماء بوجود موجات للجاذبية من الإشعاع التجاذبي تسري في كافة أجزاء الكون , وذلك على أساس أنه بتحرك جسيمات مشحونة بالكهرباء مثل الإليكترونات والبروتونات الموجودة في ذرات العناصر والمركبات فإن هذه الجسيمات تكون مصحوبة في حركتها بإشعاعات من الموجات الكهرومغناطيسية , وقياسا على ذلك فإن الجسيمات غير المشحونة (مثل النيوترونات) تكون مصحوبة في حركتها بموجات الجاذبية , ويعكف علماء الفيزياء اليوم على محاولة قياس تلك الأمواج , والبحث عن حاملها من جسيمات أولية في بناء المادة يحتمل وجوده في داخل ذرات العناصر والمركبات , واقترحوا له اسم الجاذب أو الجرافيتون وتوقعوا أنه يتحرك بسرعة الضوء , وانطلاقا من ذلك تصوروا أن موجات الجاذبية تسبح في الكون لتربط كافة أجزائه برباط وثيق من نواة الذرة إلى المجرة العظمي وتجمعاتها إلى كل الكون , وأن هذه الموجات التجاذبية هي من السنن الأولي التي أودعها الله تعالى مادة الكون وكل المكان والزمان!!
وهنا تجب التفرقة بين قوة الجاذبية (TheGravitationalForce) وموجات الجاذبية
(TheGravitationalWaves), فبينما الأولى تمثل قوة الجذب للمادة الداخلة في تركيب جسم ماحين تتبادل الجذب مع جسم آخر , فإن الثانية هي أثر لقوة الجاذبية , وقد أشارت نظرية النسبية العامة إلى موجات الجاذبية الكونية على أنها رابط بين المكان والزمان على هيئة موجات تؤثر في حقول الجاذبية في الكون كما تؤثر على الأجرام السماوية التي تقابلها وقد بذلت محاولات كثيرة لاستكشاف موجات الجاذبية القادمة إلينا من خارج مجموعتنا الشمسية ولكنها لم تكلل بعد بالنجاح .
والجاذبية وموجاتها التي قامت بها السماوات والأرض منذ بدء خلقهما , ستكون سببا في هدم هذا البناء عندما يأذن الله (تعالى) بتوقف عملية توسع الكون فتبدأ الجاذبية وموجاتها في العمل على انكماش الكون وإعادة جمع كافة مكوناته على هيئة جرم واحد شبيه بالجرم الابتدائي الذي بدأ به خلق الكون وسبحان القائل : " يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً علينَا إِنَّا كُنَّا فَاعلينَ " (الأنبياء:104) .
نظرية الخيوط العظمي وتماسك الكون :
في محاولة لجمع القوي الأربع المعروفة في الكون (القوة النووية الشديدة والقوة النووية الضعيفة , والقوة الكهرومغناطيسية , وقوة الجاذبية) في صورة واحدة للقوة اقترح علماء الفيزياء ما يعرف باسم نظرية الخيوط العظمي (TheTheoryOfSuperstrings) والتي تفترض أن الوحدات البانية للبنات الأولية للمادة من مثل الكواركات والفوتونات , والإليكترونات وغيرها) تتكون من خيوط طولية في حدود 10-35 من المتر , تلتف حول ذواتها على هيئة الزنبرك المتناهي في ضآلة الحجم , فتبدو كما لو كانت نقاطا أو جسيمات , وهي ليست كذلك , وتفيد النظرية في التغلب على الصعوبات التي تواجهها الدراسات النظرية في التعامل مع مثل تلك الأبعاد شديدة التضاؤل حيث تتضح الحاجة إلى فيزياء كمية غير موجودة حالياً , ويمكن تمثيل حركة الجسيمات في هذه الحالة بموجات تتحرك بطول الخيط , كذلك يمكن تمثيل انشطار تلك الجسيمات واندماجها مع بعضها البعض بانقسام تلك الخيوط والتحامها .
وتقترح النظرية وجود مادة خفية(ShadowMatter) يمكنها أن تتعامل مع المادة العادية عبر الجاذبية لتجعل من كل شيء في الكون (من نواة الذرة إلى المجرة العظمي وتجمعاتها المختلفة إلى كل السماء) بناء شديد الإحكام , قوي الترابط , وقد تكون هذه المادة الخفية هي ما يسمى باسم المادة الداكنة(DarkMatter) والتي يمكن أن تعوض الكتل الناقصة في حسابات الجزء المدرك من الكون , وقد تكون من القوي الرابطة له .وتفسر النظرية جميع العلاقات المعروفة بين اللبنات الأولية للمادة , وبين كافة القوي المعروفة في الجزء المدرك من الكون .
وتفترض النظرية أن اللبنات الأولية للمادة ما هي إلا طرق مختلفة لتذبذب تلك الخيوط العظمي في كون ذي أحد عشر بعدا , ومن ثم وإذا كانت النظرية النسبية قد تحدثت عن كون منحن , منحنية فيه الأبعاد المكانية الثلاثة (الطول , العرض , والارتفاع) في بعد رابع هو الزمن , فإن نظرية الخيوط العظمي تتعامل مع كون ذي أحد عشر بعدا منها سبعة أبعاد مطوية على هيئة لفائف الخيوط العظمي التي لم يتمكن العلماء بعد من إدراكها وسبحان القائل : " الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها " (الرعد:2) .
والله قد أنزل هذه الحقيقة الكونية على خاتم أنبيائه ورسله - صلى الله عليه وسلم - من قبل أربعة عشر قرنا , ولا يمكن لعاقل أن ينسبها إلى مصدر غير الله الخالق.
اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا
أدوات القراءة
- أصغر صغير متوسط كبير أكبر
- Default Helvetica Segoe Georgia Times
- قراءة خاصة