قال تعالى)الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل((38).
ومع أن التوراة والإنجيل قد طالتها أيدي المحرفين والمبدلين، إلا أنه ما زالت فيها بقايا نصوص لا بأس بها تنص نصاً واضحاً على أن المقصود منها هو محمد.
يقول أحمد ديدات: وعلى الرغم من أن نبوة ورسالة سيدنا محمد ليست بحاجة في نظر المسلمين إلى إثبات من نصوص بكتاب آخر ولكن الله تعالى أشار إليها في القرآن الكريم ، فنحن نذكرها أيضاً لتقوم الحجة على اليهود الذين يؤمنون بالتوراة وعلى النصارى الذين يؤمنون بالإنجيل، وأيضاً فإن وجود شواهد وأدلة من التوراة والإنجيل على صحة رسالة ونبوة سيدنا محمد له أهمية بالغة وحجية دامغة ، بالنسبة لغير المسلمين عندما يجدون أن كتابهم الذي يقدسونه رغم وقوع تحريف به لا تزال به أدلة تدل على صحة نبوة ورسالة محمد (39)،فيما يلي نورد بعضاً منها على سبيل البيان لا على سبيل الحصر:
المطلب الأول: في التوراة
البشارة الأولى في سفر التثنية :جاء في النص"أقيم لهم نبياً من وسط اخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي أنا أطالبه "(40) .
دار حوار بين العلامة (أحمد ديدات) والقس (فان هيردن) حول هذا النص فيما يلي نورد ملخصاً لأهم النقاط فيه:
زعم النصارى أن هذا النص ما هو إلا تنبؤ بعيسى u ولكن بنظرة فاحصة للنص يتضح الآتي :
نبياً مثل موسى " مثلك ":
تعني أن النبي المنتظر سيكون مثل موسى u ولكن:
1) عيسى إله !
حسب عقيدة النصارى فعيسى لا يشابه موسى؛ لأن عيسى إله, وأما موسى فلم يزعم أحد بأنه إله؛ فعيسى لا يشابه موسى عليهما السلام.
2) عيسى جاء من أجل الخطيئة:
وبمقتضى عقيدة النصارى أيضاً أن عيسى عليه السلام جاء ومات من أجل خطايا العالم(41), ولكن موسى لم يكن ليموت من أجل خطايا العالم،فعيسى لا يشابه موسى عليهما السلام.
3) الولادة:
إننا نجد تشابهاً بين موسى ومحمد من حيث الولادة العادية , بالأسلوب الطبيعي الذي يحدث عن الاقتران بين الرجل والمرأة , ولكن يسوع خلق بالقدرة الإلهية المميزة.
4) عقد الزواج:
تزوج موسى ومحمد عليهما السلام , ولكن عيسى عليه السلام ظل أعزباً طوال حياته .
5) الزعامة الدينية والدنيوية :
محمد وموسى كانا زعيمين إلى جانب كونهما نبيين , بينما عيسى كان نبياً فقط , فلم يكن يوماً ما زعيماً بيده السلطة الدنيوية بل كان زعيماً روحياً فقط .
6) الشريعة:
محمد وموسى أتيا بشريعة جديدة , وأحكام جديدة ؛ أما عيسىu فلم يأتِ بشريعة جديدة , بل كما قال :" لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء , ما جئت لأنقض بل لأكمل "(42) .
7) الرحيل من الدنيا :
كلاً من محمد وموسى عليهما السلام قد توفاهم الله وفاةً طبيعية , ولكن عيسى uوفقاً للعقيدة المسيحية مات شر ميتة وذلك بقتله على الصليب.
8) المقام السماوي :
إن كلاً من محمد وموسى عليهما السلام يرقد في قبره على الأرض, بينما يسوع طبقاً للتعاليم المسيحية فإنه يجلس
" عن يمين قوة الله "(43).
مما سبق من مقارنة اتضح منه أن عيسى u ليس مثل موسى في جوانب كثيرة وإن كانا الاثنان من بني إسرائيل
محمد من نسل إسماعيل :
يقول النص : " أقيم لهم نبياً من وسط اخوتهم مثلك ...."(44) إن التركيز على هذه الكلمات " من وسط اخوتهم مثلك " , فالخطاب موجه إلى موسى u وشعبه , وعندما يقول النص " اخوتهم " فهو يعني العرب , فقد كان لإبراهيم u ولدان هما إسماعيل و إسحاق , وأبناء إسماعيل هم العرب وأبناء إسحاق هم اليهود , ومحمد من نسل أخوة بني إسحاق وليس من نسل إسحاق بني إسرائيل , والنبي المذكور في النص هو من نسل أخوة بني إسرائيل أي من بني إسماعيل u .
" وأجعل كلامي في فمه ":
تستأنف النبوءة قولها : " وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به "(45) .
يقول أحمد ديدات مخاطباً القس فان هيردن: أنت تشاهد عندما أسألك أيها القس أن تفتح التوراة على سفر التثنية الإصحاح الثامن عشر , والعدد الثامن عشر , في البداية , وإذا ما طلبت منك أن تقرأ , وإذا ما قرأت , هل أجعل كلامي في فمك ؟
أجاب القس : لا .
فقال أحمد ديدات : ولكن إذا أردت أن أعلمك لغة باللسان العربي , تلك اللغة التي لا تعلم عنها شيئاً , فإذا ما طلبت منك أن تقرأ أو تتلو القراءة عني فيما أنطق به على سبيل المثال)قل هو الله أحد * الله الصمد* لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفواً أحد((46)، أما أضع هذه الكلمات التي لم تسمع عنها من قبل عن لسان أجنبي التي تنطق بها الآن في فمك ؟
وافق القس قائلاً : بالحق إنه هكذا .
قلت وبأسلوب مشابه في تنـزيل القرآن كان جبريل يجعل كلام الله في فم نبيه محمد وحياً فنـزل به جبريل على قلب الرسول ليكون من المرسلين, والنص من التوراة يقول : " وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به "(47) .
قال تعالى مخاطباً نبيه محمد )لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه وقرآنه * فإذا قرأناه فاتبع قرآنه* ثم إن علينا بيانه ((48) .
وقال تعالىاقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق* اقرأ وربك الأكرم* الذي علّم بالقلم* علّم الإنسان ما لم يعلم((49).
إن اعتكاف محمد وتعبده في غار حراء واستجابته لبدء التنـزيل وحياً عن طريق جبريل المَلك إنما هو إنجاز لنبوءة في سفر أشعيا هذا نصها:
" أو يدفع الكتاب لمن لا يعرف الكتابة ويقال له اقرأ هذا فيقول لا أعرف الكتابة "(50) .
ويقول الله سبحانه وتعالى عن النبي الأمي في القرآن الكريمفآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته((51).
"ويقال له اقرأ هذا فيقول لا أعرف الكتابة"، هنا خطأ متعمد في الترجمة. ولكن بالمقارنة مع نسخة الروم الكاثوليك نسخة ديوىDouay version وكذلك مع النسخة القياسية نجد Revised standard version والترجمة المضبوطة:" ما أنا بقارئ لك" الكلمات التي فاه بها محمدr مرتين للمَلك جبريل رئيس الملائكة عندما طلب منه قائلاً (اقرأ ).
ومن ألزم اللزوميات أن تعلم أنه لم تكن هناك نسخة عربية موجودة في القرن السادس الميلادي عندما عاش محمد هذا فضلاً عن كونه أمياً لا يعرف الكتابة ولا القراءة(52).
عاقبة من لا يؤمن بكلامه:
أما عاقبة من لا يؤمن بهذا الكلام الذي يقوله هذا النبي فيكون كما جاء في نهاية النص في نفس الإصحاح في سفر التثنية :" ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي أنا أطالبه "(53) .
فالويل لمن يكفر بالرسول عليه الصلاة والسلام وويل لكل أمة تناوئ هذا النبي(54).
البشارة الثانية في سفر التثنية :
جبال فاران :
جاء في سفر التثنية:" وهذه هي البركة التي بارك بها موسى رجل الله بني إسرائيل قبل موته فقال : جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من سعير وتلألأ من جبل فاران وأتى من ربوات القدس وعن يمينه نار شريعة لهم"(55).
"فمجيء الله تعالى من طور سيناء هو مجيء أمره وإنـزاله وحيه على موسى u باتفاق المسلمين وأهل الكتاب
ثم إشراقه من سعير ، هو نـزول وحيه على عيسى u ، ومجيئه بالإنجيل وهو الثاني ترتيباً والمسيح u من ساعير ( أرض الخليل وهي قرية تجاور بيت لحم مولد المسيح u وبها جبال تسمى ساعير) ،وكذلك يجب أن يكون استعلائه من جبال فاران إنـزاله القرآن والوحي على محمد وجبال فاران هي جبال مكة "(56) .
البشارة الثالثة في سفر النبي حبقوق :
وجاء في بشارة حبقوق النبي بشارة قريبة من ذلك :" الله جاء من يتمان والقدوس من جبال فاران ،سلاه جلاله غطى السماوات، والأرض امتلأت من تسبيحه، وكان لمعان كالنور من يده شعاع ، وهناك استتار قدرته ".
فقوله ( الله جاء من يتمان ) تبشير إلى بلد في جنوب شرقي تبوك قرب المدينة المنورة .
وقوله ( القدوس من جبل فاران ) إنما هي إشارة إلى مكة المكرمة .
وحينما يقول ( جلاله غطى السماوات) هي صيحات "الله أكبر " التي تتردد في الآفاق في كل الأرض التي يسكنها المسلمون قلوا أو كثروا .
إنها جلال الله الذي يغطي السماوات والأرض، فهي لا يمكن أن تشير إلى كنيس اليهود الذي يستخدم البوق ،
ولا تشير إلى كنيسة النصارى التي تستخدم الجرس )(57) .
أما قوله ( امتلأت من تسبيحه ) إشارة إلى إقامة الصلاة وما في الصلاة من تسبيح وتكبير وتعظيم لله عز وجل ، "ولا يحدث شيء من هذا لا في كنيس اليهود ولا في كنيسة النصارى فلا تمتلئ الأرض بتسبيح الله إلا في صلاة المسلمين ، بل وفي غير صلاتهم فهم دائماً أهل التسبيح والتحميد )(58) .
البشارة الرابعة في سفر أشعيا
نبوة أشعيا :
جاء في (سفر أشعيا 42: 11-13) الذي يقول "لترفع البرية ومدها صوتها ، الديار التي سكنها قيدار ، لتترنم سكان سالع من رؤوس الجبال ليهتفوا، ليعطوا الرب مجداً ويخبروا بتسبيحه في الجزائر " تبين الفقرة أن هذا النبي يأتي من نسل إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام فقيدار هو الابن الثاني لإسماعيل كما في(سفر التكوين 25: 13).
وقوله" لتترنم سكان سالع من رؤوس الجبال ..." إن في دينه هتاف من رؤوس الجبال وتسبيح وتكبير ومؤتمر عالمي يعقد سنوياً والإسلام هو الدين الوحيد الذي يحدث فيه هذا ،إذ يجتمع كل الحجيج من ملوك وشعوب ومن مختلف البيئات والأعمار لا يجتمعون في القصور وإنما في رؤوس الجبال ،إن هذا ما يحدث في الإسلام فقط في ركنه الخامس وهو الحج(59) .المطلب الثاني : في العهد الجديد
البشارة الأولى : في إنجيل يوحنا .
جاء في (إنجيل يوحنا 16: 12-14) " إن لي أموراً كثيرة أيضاً لا أقول لكم ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن ، وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما سمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية ذاك يمجدني "(60).
" لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما سمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية ".
وهذا ما تحقق في الرسول r الذي تلقى الوحي عن روح القدس جبريل u (61).
وقال يوحنا الإنجيلي : قال يسوع(62) المسيح في الفصل الخامس عشر من إنجيله :
" أن الفارقليط(63) روح الحق الذي يرسله أبي(أي ربي) وهو يعلمكم كل شيء " .
بشارة إنجيل برنابا:
"لقد وجدت نسختان من إنجيل برنابا في أول القرن الثامن عشر وهما نسختان أسبانيتان وقد فُقدتا ، إذا كان المتعصبون من النصارى يتلفون كل ما عثروا عليه من هذا الإنجيل وغيره من الأناجيل التي تعدها الكنيسة غير قانونية ، وأما النسخة الأخرى فهي باللغة الإيطالية القديمة وكانت في خزانة كتب (الفاتيكان)فسرقها منها راهب اسمه (مرينو)في أواخر القرن السادس عشر ويظن أنها النسخة الموجودة الآن في خزانة كتب بلاط (فينا) وقد ترجمت هذه النسخة بالإنجليزية في هذا العصر فسعينا إلى ترجمتها بالعربية سنة 1325هـ وطبعناها طبعاً دقيقاً في مطابع المنار"(64)
"اعلم يا برنابا أن الذنب وإن كان صغيراً يجزي الله عليه لأن الله غير راض ٍ عن الذنب ، ولما اكتسب أمي وتلاميذي لأجل الدنيا سخط الله لأجل هذا الأمر وأراد باقتضاء عدله أن يجزيهم في هذا العالم على هذه العقيدة غير اللائقة ليحصل لهم النجاة من عذاب جهنم ولا يكون لهم أذية هناك، وإني وإن كنت برياً لكن بعض الناس لما قالوا في حقي أنه الله وابن الله كره هذا القول واقتضت مشيئته أن لا تضحك الشياطين يوم القيامة مني ولا يستهزئون بي، فأراد بمقتضى لطفه ورحمته أن يكون الضحك والاستهزاء في الدنيا بسبب الموت يهوذا ، ويظن كل شخص أني صلبت لكن هذه الإهانة والاستهزاء تبقيان إلى أن يجيء محمد رسول الله فإذا جاء في الدنيا ينبه كل مؤمن على هذا الغلط وترتفع هذه الشبهة من قلوب الناس "(65)
"وجاء في الفصل الثاني والسبعين من هذا الإنجيل أن المسيحu أخبر الحواريين أنه سينصرف عن هذاالعالم ثم قال :
(7)فبكى حينئذٍ الرسل قائلين : يا معلم لماذا تتركنا ، لأن الأحرى بنا أن نموت من أن تتركنا(8 )أجاب يسوع : لا تضطرب قلوبكم ولا تخافوا .(9 )لأني لست أنا الذي خلقكم بل الله الذي يخلقكم يحميكم.(10 )أما من خصوصي فإني قد أتيت لأهيئ الطريق لرسول الله الذي سيأتي بخلاص للعالم .(11 ) ولكن احذروا أن تغشوا لأنه سيأتي أنبياء كذبة (66) كثيرون يأخذون كلامي وينجسون إنجيلي .(12 )حينئذٍ قال اندراوس :يا معلم اذكر لنا علامة لنعرفه (13)أجاب يسوع : أنه لا يأتي في زمنكم بل يأتي بعدكم بعدة سنين حينما يبطل إنجيلي ولا يكاد يوجد ثلاثون مؤمناً .
(14) في ذلك الوقت يرجم الله العالم فيرسل رسوله الذي تستقر على رأسه غمامة بيضاء ، يعرفه أحد مختاري الله وهو سيظهره للعالم.
(15) وسيأتي بقوة عظيمة على الفجار ويبيد عبادة الأصنام من العالم.
(16)وأني أسر بذلك ، لأنه بواسطته سيعلن ويمجد الله ويظهر صدقي .
(17) وسينتقم من الذين سيقولون أني أكبر من إنسان .
(18) الحق أقول لكم :إن القمر سيعطيه رقاداً في صباه .
(19) فليحذر العالم أن ينبذه لأنه سيفتك بعبده الأصنام .
(20) فإن موسى عبد الله قتل أكثر من ذلك كثيراً ، ولم يبق يشوع على المدن التي أحرقوها وقتلوا الأطفال
(21) لأن القرحة المزمنة يستعمل لها الكي .
(22) وسيجيء بحق أجلي من سائر الأنبياء وسيوبخ من لا يحسن السلوك في العالم .
(23) وسيحيي طرباً أبراج مدينة آبائنا بعضها بعضاً .
(24) فمتى شوهد سقوط عبادة الأصنام إلى الأرض ، واعترف بأني بشر كسائر البشر .فالحق أقول لكم : إن نبي الله حينئذٍ يأتي .
وجاء في الفصل السادس والتسعين من محاورة بين المسيح ورئيس كهنة اليهود :أن الكاهن سأله عن نفسه فأجاب بذكر اسمه واسم أمه ،وبأنه بشر ميت ثم قال الإنجيل ما نصه:
(3) أجاب الكاهن : إنه مكتوب في كتاب موسى أن إلهنا سيرسل لنا مسيّا الذي سيأتي ليخبرنا بما يريد الله ، وسيأتي للعالم برحمة الله.(4) لذلك أرجوك أن تقول لنا الحق هل أنت مسيا الله الذي ننتظره؟(5) وأجاب يسوع: حقاً أن الله وعد هكذا ولكني لست هو ،لأنه خلق قبلي وسيأتي بعدي (67).(6) أجاب الكاهن : إننا نعتقد من كلامك وآياتك على كل حال أنك نبي وقدوس الله .(7) لذلك أرجوك باسم اليهودية كلها وإسرائيل كلها أن تفيدنا حباً في الله بأية كيفية سيأتي مسيا؟(8) فأجاب يسوع : لعمر الله الذي تقف بحضرته نفسي.(2) أني لست مسيا الذي تنتظره كل قبائل الأرض كما وعد الله أبانا إبراهيم .(3) قائلاً : بنسلك أبارك كل قبائل الأرض .(9) ولكن عندما يأخذني الله من العالم سيثير الشيطان مرة أخرى لهذه الفتنة المعونة بأن يحمل عادم التقوى على الاعتقاد بأني الله وابن الله (10) فيتنجس بسبب هذا كلامي وتعليمي حتى لا يكاد يبقى ثلاثون مؤمناً(11)حينئذٍ يرحم الله العالم ويرسل رسوله الذي خلق كل الأشياء لأجله (12) الذي سيأتي من الجنوب بقوة وسيبيد الأصنام وعبدة الأصنام (13)وسينتزع من الشيطان سلطته على البشر وسيأتي برحمة الله لخلاص الذين يؤمنون به(15) وسيكون من يؤمن بكلامه مباركاً.
ثم قال في الفصل (97)ما نصه :
(1)ومع أني لست مستحقاً أن أحل سير حذائه قد نلت نعمة ورحمة من الله لأراه (2)فأجاب حينئذٍ الكاهن مع الوالي والملك قائلين لا تزعج نفسك يا يسوع قدوس الله لأن هذه الفتنة لا تحدث في زمننا مرة أخرى لأننا سنكتب إلى مجلس الشيوخ الروماني المقدس بإصدار أمر ملكي أن لا احد يدعوك فيما بعد الله أو ابن الله (4)فقال حينئذٍ يسوع : إن كلامكم لا يعزيني لأنه يأتي ظلام حيث ترجون النور(5) ولكن تعزيتي هي في مجيء الرسول الذي سيبيد كل رأي كاذب فيّ وسيمتد دينه ويعم العالم بأسره لأنه هكذا وعد الله أبانا إبراهيم (6)وإن ما يعزيني هو أن لا نهاية لدينه لأن الله سيحفظه صحيحاً.(7)أجاب الكاهن : أيأتي رسل آخرون بعد مجيء رسول الله ؟(8)فأجاب يسوع : لا يأتي بعده أنبياء صادقون مرسلون من الله (9)ولكن يأتي عدد غفير من الأنبياء الكذبة وهو ما يحزنني (10)لأن الشيطان سيثيرهم بحكم الله العادل فيتسترون بدعوى إنجيلي .(11)أجاب يسوع : من العدل أن من لا يؤمن بالحق لخلاصه يؤمن بالكذب للعنته (13) لذلك أقول لكم : إن العالم كان يمتهن الأنبياء الصادقين دائماً وأحب الكاذبين كما يشاهد في أيام ميشع وأرميا (1)لأن الشبيه يحب الشبيه (13)فقال الكاهن حينئذٍ: ماذا يسمى مسيا؟ وما هي العلامة التي تعلن مجيئه ؟(14)أجاب يسوع : إن اسم مسيا عجيب، لأن الله نفسه سماه لما خلق نفسه ووضعها في بهاء سماوي (15)قال الله:اصبر يا محمد لأني لأجلك أريد أن أخلق الجنة والعالم وجماً غفيراً من الخلائق التي أهبها لك ، حتى أن من يباركك يكون مباركاً ، ومن يلعنك يكون ملعوناً (16)ومتى أرسلتك إلى العالم أجعلك رسولي للخلاص وتكون كلمتك صادقة ، حتى أن السماء والأرض تهونان ، ولكن إيمانك لا يهن أبداً (17)إن اسمه المبارك محمد.(18) حينئذٍ رفع الجمهور أصواتهم قائلين: يا الله أرسل لنا رسولك ، يا محمد تعال سريعاً يا الله أرسل لنا رسولك ، يا محمد تعال سريعاً لخلاص العالم "(68)
إنجيل يوحنا الإصحاح (14-26) والعهد الجديد 143(69).
وقال يوحنا التلميذ :" إن كنتم تحبوني فاحفظوا وصاياي وأنا أطلب من الأب أن يعطيكم فارقليطاً آخر , يثبت معكم إلى الأبد و الحق الذي لم يطق العالم أن يقتلوه لأنهم لم يعرفوه ، ولست أدعكم أيتاماً لأني سآتيكم عن قريب " (70)والعهد الجديد 143 (71).
وقال أيضاً :" إذا جاء الفارقليط الذي أبي أرسله روح الحق الذي من أبي وهو يشهد لي ، قلت لكم هذا ، حتى إذا كان تؤمنوا به ولا تشكوا فيه " (72)والعهد الجديد 144(73).
وهذا اللفظ ، لفظ( الفارقليط ) في لغتهم ذكروا فيه أقوالاً :
قيل أنه الحماد ،وقيل أنه الحامد، وقيل أنه المعزي ، وقيل أنه الحمد ورجح هذا طائفة،وقالوا الذي يقوم عليه البرهان في لغتهم أنه الحمد والدليل عليه قول يوشع :" من عمل حسنة تكون لـه فارقليط جيد " أي حمد جيد .
ومن قال معناه ( المخلص ) فيحتجون بأنها كلمة سريانية ومعناها المخلص ، وقالوا : هو مشتق من قولنا (راوف) ويقال بالسريانية ( فاروق ) فجعل فارق . قالوا ومعنى ( ليط) كلمة تزاد والتقدير كما يقال في العربية رجل هو ، وحجر هو ، وبدر هو ، وذكر هو . قالوا : وكذلك يزاد في السريانية ( ليط) .
والذين قالوا: هو المعزي . قالوا : هو في لسان اليونان ( المعزي ) ،ويعترض على هذين القولين بأن المسيح لم تكن لغته سريانية ولا يونانية ، بل عبرانية (74).
ويقول البروفيسور عبد الأحد داود(75) :
( البرقليطوس ) ليس ( المعزي ) ولا ( الوسيط ) والمسيح لم يستخدم كلمة ( باركالون – Parakalon ) اليونانية قطعاً .
وإن كلمة ( برقليطوس ) تعني من الناحية اللغوية البحتة ( الأمجد والأشهر والمستحق للمديح ) وقد ورد ذلك في القاموس اليوناني .
والاسم مركب من مقطعين ، الأول (Per) والثاني (Kleitos) مشتق من التمجيد والثناء ويكتب (Periqlytos أو Periqleitos) مما يعني تماماً اسم أحمد باللغة العربية , أي أكثر ثناءً وحمداً .
فليس هناك أدنى شك أن (محمد) أو ( أحمد ) هو المعني بكلمة ( البرقليط ) فالاسمان متطابقان في اليونانية والعربية وكلاهما بمعنى الأشهر والأحمد تماماً(76) .
على الرغم من تحفظ المسلمين على صحة الكلام الموجود بالكتاب المقدس ، وعلى الرغم من اعتقادهم الراسخ أن يد التحريف والتبديل قد جعلت بعض أشقياء العاملين بشؤون الدين في العصور الماضية تبدل وتحرف كلام الله من مواضعه ، إلا أن بعض محتوى التوراة والإنجيل لا يزال صحيحاً ، إنّ مثلهم في ذلك مثل من يحرف أو يبدل في نصوص عقد أو وثيقة.
ليس من الضروري أن نتصور أن المحرف المبدل قد بدل وحرّف بعض الكلام فحسب(77)، فالنصوص السابقة نجد فيها دلالة واضحة على البشارة به r على الرغم من تحريفها .
مثال ذلك،قول عيسى u :" وسوف أطلب من الأب وسوف يعطيكم برقليطوس آخر يبقى معكم إلى الأبد "(78) يقول البروفيسور عبد الأحد داود: " يلاحظ التفكك في هذه العبارة من إنجيل يوحنا المنسوبة إلى عيسى المسيح إذ توحي بأن ( برقليطاً ) أو برقليطات قد جاؤوا في السابق وإن (برقليطاً) آخر سوف يأتي بناءً على طلب عيسى .. ومن المؤكد أن النص قد تعرض للتشويه فهو يدعي أن الأب سوف يرسل ( البرقليطوس ) بناءً على طلب المسيح وإلا فإن البرقليطوس لن يأتي؛ مما يدل على أن كلمة ( أطلب ) مصطنعة أيضاً لأنها تظهر بصورة كاذبة لمسة من الوقاحة من جانب المسيح ، وإذا أردنا أن نجد المعنى الحقيقي لهذا النص فعلينا استبعاد التحريف منه ليصبح كما يلي : " وسوف أذهب إلى الأب وهو سيرسل لكم رسولاً آخر سيكون اسمه البرقليطوس ويبقى معكم إلى الأبد"، وبهذا الشكل يعود تواضع المسيح الذي عرف عنه كما يتحدد البرقليطوس بشكل واضح )(79).
دلائل نبوته في التوراة والإنجيل
أدوات القراءة
- أصغر صغير متوسط كبير أكبر
- Default Helvetica Segoe Georgia Times
- قراءة خاصة