إن المتتبع لنشأة وتطور الديانة المسيحية يرى جليا أنها ديانة وضعية تم وضع اساسها باتفاق الآباء والكهنة بناء على تعليماتهم وأهوائهم التى ما انزل الله بها من سلطان
وصدق الله العظيم القائل بشأنهم :
(وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ۖ ذَٰلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ ۖ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۚ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ * اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) سورة التوبة : 30 - 31
يرى المتابع لنشأة تلك الديانة الوثنية المسماة (المسيحية) كيف كانت الكنيسة تكمم الأفواه المنادية ببشرية المسيح والنافية لألوهيته وتتهم أصحاب هذه الأفواه بالهرطقة وكيف كانت الكنيسة تعزل وتنفى كل من خالفها الأهواء وتقوم بحرق الأناجيل والكتب التى لا تتفق مع أهوائها فهى ديانة وثنية ... ديانة محرفة ... ديانة وضعية باطلة ... ديانة لم تذكر فى أى كتاب سماوى ... ديانة ما أنزل الله بها من سلطان .....
لقد نشأت خلافات كثيرة بعد المسيح عليه السلام بين أتباعه وكانت الطريقة المتبعة لللبت فى كل خلاف وحسمه هى عمل (اجتماع) يحضره الأساقفة لوضع قانون أو رأي نهائي فيه !!!!
وكانت النتيجة النهائية لكل مجمع هي :
* إما موافقة الجميع على القانون فيصبح أساسيا في التشريع المسيحي
* أو أن يحدث خلاف على القانون فينتج عنه انشقاق في صفوف الكنيسة
وكانت تلك المجامع على نوعين :
1- مجمع مسكوني أي عالمي ( نسبة إلى الأرض المسكونة)
2- مجمع محلي (مكانى)
وأول مجمع عقد كان مجمعا محليا في أورشليم برياسة الأسقف يعقوب الرسول للنظر في ختان غير اليهود
(أ) المجامع المسكونية :
* هي مجامع رئيسية أتفقت الكنيسة الأرثوذكسيّة على نعتها بالـ (مسكونيّة) والمجمع المسكونيّ هو المجمع الذي حازت تحديداته وقوانينه القبول في المسكونة كلّها
* ليس من شروط مسكونيّة المجمع أن يشارك في أعماله كلّ أساقفة المعمورة، بل لكي يكتسب المجمع صفة المسكونيّ ينبغي أن يصير الاعتراف به في كلّ أنحاء العالم
* ليس مجرّد التئام المجمع يجعله مسكونيًّا بل أن تقبله الكنيسة الجامعة وتعترف بقراراته هو ما يجعله مسكونيًّا فهناك مجامع شارك فيها أساقفة من كلّ الدنيا رفضتها الكنيسة ولم تقبلها لأنّها (باعتقادهم) خالفت الإيمان الحقّ
* تعتبر الكنيسة أنّ تحديدات المجامع المسكونيّة السبعة وقراراتها فيما يتعلّق بالعقيدة قرارات (معصومة) ذات (حصانة من الخطأ) إذ تؤمن بأنّ الآباء المجتمعين في تلك المجامع قد اهتدوا بإلهام الروح القدس قبل أن يقرّروا أيّ أمر !!!!
* تجدر الإشارة إلى أنّ المجمع المسكونيّ لا يدّعي إعلان حقيقة جديدة، بل يحدّد في صورة ثابتة الإيمان الموروث من (القدّيسين) في مواجهة البدع والهرطقات والانحرافات الإيمانيّة على أنواعها !!!
والمجامع المسكونية الرئيسية الهامة جدا فى تطور العقيدة المسيحية سبعة :
1- مجمع نيقية 325 ميلادية
2- مجمع القسطنطينية الأول 381 ميلادية
3- مجمع إفسس المقدس (أفسس الأول 431 ميلادية - إفسس الثاني 449 ميلادية)
4- مجمع خلقيدونية 451 ميلادية
5- مجمع القسطنطينية الثاني 553 ميلادية
6- مجمع القسطنطينية الثالث 680 ميلادية
7- مجمع نيقية الثاني 787 ميلادية
وهناك مجامع مسكونية أخرى :
* مجمع قرطاجنة المقدس 257 ميلادية
* مجمع أنقرة المقدس 314 ميلادية
* مجمع قيصرية الجديدة 315 ميلادية
* مجمع روما 430 ميلادية
* مجمع الإسكندرية 430 ميلادية
* مجمع فلورنسا 1439 ميلادية
* المجمع التريدنتيني 1563 ميلادية
(ب) – المجامع المكانية أو المحلية مثل :
1- مجمع أنقرة بغلاطية
2- مجمع سرديكا
وقد إختلفت الطوائف النصرانية حتى على المجامع المسكونية المقدسة فيما يتعلق بأي منها إعترفت الكنائس المختلفة فمثلا :
1- الكنيسة القبطية إعترفت بثلاثة من هذه المجامع وهي على التوالي : المجمع الأول في نيقية, مجمع القسطنطية الأول, مجمع إفسس المقدس
2- الكنيسة الرومانية والبيزنطية تعترف بمجمع خلقيدونية الرابع كأحد المجامع المسكونية السبعة والمجامع الأخرى هي مجمع القسطنطينية الثاني, مجمع القسطنطينية الثالث ومجمع نيقية الثاني
أهم المجامع:
1- مجمع نيقية الأول 325 ميلادية Council of Nicaea
* هو المجمع المسكونى الأول
* عقد هذا المجمع لخلاف حول ألوهية السيد المسيح فقد نادى البعض بألوهية السيد المسيح ورفضها البعض (آريوس وأتباعه), مما دعا الإمبراطور قسطنطين الكبير وهو أول من آمن مِن أباطرة الرومان بالمسيحية, إلى دعوة جميع كنائس المسكونة للاجتماع
* سببه : ظهور بدع آريوس وسابليوس
(أ) - قول آريوس : "أن الإبن ليس مساويا للآب في الأزلية وليس من جوهره وأن الآب كان في الأصل وحيدا ثم خلق الأبن بإرادته مثل أيّ مخلوق آخر أوجده الله من لا شيء وأن الآب لا يرى ولا يكيف حتى للإبن لأن الذي له بداية لا يعرف الأزلى وأن الإبن ليس إله لأن لاهوته مكتسب وغير أزلى"
(ب) - قول سابليوس : " الآب والإبن والروح القدس أقنوم واحد وليس ثلاثة أقانيم"
* ترأس المجمع البابا ألكسندروس بابا الإسكندرية
* دارت المناقشات من 20 مايو حتى 14 يونيو وحضر الاجتماع 2048 أب من أباء الكنيسة وأيدت الغالبية رأي آريوس القائل بأن المسيح ليس إله ووصل الخلاف إلى المعارك
* أصدر الإمبراطور قسطنطين قرارا بفض الإجتماع ثم أعيد ولم يحضره إلا أصحاب الرأي بالألوهية 318 عضوا وحضر الملك قسطنطين ووضع قانون الإيمان في 19 يونيو من أول " بالحقيقة نؤمن بالله واحد .... حتى قوله " ليس لملكه انقضاء "
* ختم المجمع أعماله في 25 أغسطس
* اقترح اثناسيوس أن تضاف كلمة " ذو جوهر واحد " وصادق الأغلبية على اقتراحه
* وقع المجمع قرار حرم آريوس وسابليوس وأتباعهما وأمر الملك بنفي آريوس وحرق كتبه وإعدام من يتستر عليها
* صدر قرار بألوهية السيد المسيح وهو ما كان يوافق معتقدات الإمبراطور نظرا لقربه من المعتقد الوثني الروماني من نزول الإله وتجسده وتعدد الآلهة وأخذ في المجمع قرارات أهمها:
(أ) واعتماد ألوهية السيد المسيح ونزوله ليصلب تكفيرا عن خطيئة البشر
(ب) اختار المجمع الكتب التي لا تتعارض مع القرارات السابقة وقرر تدمير ما عداها من الرسائل والأناجيل
(ج) إصدار قانون الإيمان النيقاوي
* نظر المجمع في بعض أمور أخرى خاصة بالكنيسة وهى :
1- مسالة تحديد يوم عيد القيامة حتى لا يعيدوا قبل اليهود ولا معهم
2- النظر في معمودية الهراطقة، وقرر المجمع بأن لا تعاد معمودية من هرطق ورجع إلى الإيمان مرة أخرى
3- أن يكون ذوى الكهنوت من أصحاب الزوجات وقرر المجمع الحكم على الكهنة المترملين بعدم الزواج مرة أخرى
2- مجمع القسطنطينية الأول سنة 381 ميلادية
* هو المجمع المسكونى الثانى
* انعقد فى القسطنطينية وكان لمناقشة وبحث ألوهية الروح القدس
* سببه : ظهور بعض البدع وهى :
1- بدعة أبوليناريوس أسقف اللاذقية : لاهوت السيد المسيح قد قام مقام الروح الجسدية وتحمل الآلام والصلب والموت مع الجسد، وهناك تفاوت بين الأقانيم : الروح القدس عظيم والأبن اعظم، أما الآب فهو الأعظم
2- بدعة أوسابيوس (مجدد تعاليم سابليوس) : الثالوث ذات واحدة وأقنوم واحد
3- بدعة مكدونيوس أسقف القسطنطينية المعزول : أن الروح القدس عمل إلهى منتشر في الكون، وليس بأقنوم متميز عن الآب والأبن، بل هو مخلوق يشبه الملائكة وليس ذو رتبة أسمى منهم
* ترأسه القديس ميلاتيوس بطريرك إنطاكية وكان عدد الذين حضروا فيه 150 أسقفاً
* كانت أهم قرارات المجمع :
(أ) اعتبار الروح القدس إله
(ب) قرر الآباء أن الروح القدس هو الأقنوم الثالث من الثالوث القدوس وأنه مساو للآب وللابن، ثم قرروا تكميل قانون الإيمان النيقاوى : " نعم نؤمن بالروح القدس الرب المحى المنبثق من الآب " وبذلك اكتمل الثالوث بألوهية الإبن في مجمع نيقية وألوهية الروح القدس في مجمع القسطنطينية
(ج) حكم المجمع علي أبوليناريوس وأوسابيوس بالحرم وتجريدهما من رتبتهما
(د) حكم المجمع على مكدونيوس بالحرم وفرزه من شركة الكنيسة وحكم عليه الإمبراطور بالنفى
وهكذا اكتمل دستور الإيمان الذي عُرف أيضًا بالدستور النيقاويّ - القسطنطينيّ نسبة إلى المدينتين اللتين انعقد فيهما المجمعان المقدّسان
3- مجمع أفسس الأول سنة 431 ميلادية
* هو المجمع المسكونى الثالث
* اختير البابا السكندرى رئيسا للمجمع
* بدأت جلسات المجمع في كنيسة السيدة العذراء في أفسس 17 يوليو سنة 431 م في عيد حلول الروح القدس وحضر المجمع 200 أسقف
* سببه ظهور بعض البدع وهى :
1- بدعة بيلاجيوس: كان ينادى بان " خطية آدم قاصرة عليه دون بقية الجنس البشرى وأن كل إنسان منذ ولادته يكون كآدم قبل سقوطه ثم قال أن الإنسان بقوته الطبيعية يستطيع الوصول إلى اسمى درجات القداسة بدون انتظار إلى مساعد النعمة...
2- بدعة نسطور: أنكر نسطور بطريرك القسطنطينية المعزول ألوهية المسيح وبدأ بإنكار كون السيدة العذراء (والدة الإله) وسمّاها فقط (والدة المسيح) قائلاً: إن مريم لم تلد إلهاً بل ما يولد من الجسد ليس إلا جسداً وما يولد من الروح فهو روح. فالعذراء ولدت إنساناً عبارة عن آلة للاهوت وذهب إلى أن المسيح لم يكن إلهاً في حد ذاته بل هو إنسان مملوء بالبركة أو هو مُلهم من الله لم يرتكب خطية ونادى بان في المسيح له المجد أقنومين وشخصين وطبيعتين كما عاب على المجوس لسجودهم للطفل يسوع* أصدر المجمع القرارات التالية :
(أ) المسيح له طبيعة واحدة ومشيئة واحدة (طبيعة إلهية مع بشرية لا ينفصلان ومشيئة بشرية وإلهية لا ينفصلان) وقرر المجمع سر التجسد المجدي القائم من اتحاد اللاهوت بالناسوت في أقنوم الكلمة الأزلى بدون انفصال ولا امتزاج ولا تغير
(ب) أعلن أنّ مريم (والدة الإله)، وأنّ الربّ يسوع شخص واحد، ولدته مريم العذراء، وفيه استقرّت كلمة الله الأزليّة واتّحدت به اتّحادًا وثيقًا
(ج) وضع الأباء مقدمة قانون الإيمان الذي بدؤه : نعظمك يا أم النور الحقيقي ونمجدك أيتها العذراء القديسة والدة الإله . . . الخ
(د) حكم المجمع على بيلاجيوس بالحرم وتجريده من رتبته
(هـ) حكم المجمع على نسطور بقطعه من درجته ومن أى شركة كهنوتية وأرسل المجمع إلى نسطور كتابا بحرمه وقرر الإمبراطور نفى نسطور إلى صحراء مصر (تل نسطور)
4- مجمع أفسس الثاني سنة 449 ميلادية Second Council of Ephesus
* حضر المجمع سنة 449 م 130 اسقفا
* ترأس المجمع الأنبا ديسقورس بابا مصر
* بدأت الجلسات في كنيسة العذراء الكبرى في أفسس
* سببه : ظهور بدعة أوطاخى (رئيس دير في القسطنطينية) الذى قال قال أن جسد المسيح مع كونه جسد إلا أنه ليس مساوياً لجسدنا في الجوهر لأن الطبيعة الإلهية لاشت الطبيعة البشرية وهذا معناه أن اللاهوت (الصفات الإلهية) اختلط وامتزج بالناسوت (الصفات البشرية) فصار المسيح بطبيعة واحدة ممتزجة "
* قرارات المجمع :
(أ) رفض المجمع رأي رئيس الدير وأيد الرأي القائل أن اللاهوت اتحد بالناسوت ولكن بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير مما يعني إتحاد صفات الإله مع صفات الإنسان بدون اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير وهو رأي "الأرثوذكس" حاليا
(ب) قرر المجمع حرم وطرد أوطاخى وتجريده من كل رتبه الكهنوتية ثم تم الرجوع فى هذا القرار بعد رجوع أوطاخى عن أقواله
(ج) لم يقبل بابا روما القرار بأن اللاهوت والناسوت قد اتحدا مع بعضهما فتم عقد مجمع أخر فيما بعد "مجمع خلقيدونية" لمن رفضوا القرار السابق
(أي أن كل الأطراف اتفقت على أن للمسيح طبيعيتين ومشيئتين عدا الأرثوذكس ...
فالكنيسة الأرثوذكسية لا تعترف بأي مجمعات بعد مجمع أفسس الثاني 449 م بينما لا تعترف باقي الكنائس بهذا المجمع)
5- مجمع خلقيدونية سنة 451 ميلادية Council of Chalcedon
(تعترف به كل الطوائف المسيحية عدا الأرثوذكس)
* هو المجمع المسكونى الرابع
* سببه : عدم قبول بابا روما لاون الأول لنتائج مجمع أفسس الثاني 449م
* عقد فى خلقيدونية القريبة من القسطنطينية بمشاركة حوالي 500 أسقف في كنيسة القديسة أوفيمية وعقدت الجلسة الأولى للمجمع في 8 أكتوبر عام 451م
* أتخذ قرارات أهمها:
(أ) إلغاء قرارات المجمع السابق (أفسس الثانى) الذى ينص على أن اللاهوت أختلط مع الناسوت
(ب) اعتبر أن للمسيح طبيعتين ومشيئتين : أكّد المجمع على أنّ الربّ يسوع المسيح هو شخص واحد، أو أقنوم واحد، في طبيعتين: إلهيّة وإنسانيّة. إنّه إنسان حقًّا وإله حقًّا. إنّه إنسان تامّ وإله تامّ. وأكّد المجمع أيضًا اتّحاد الطبيعتين الإلهيّة والإنسانيّة في الشخص الواحد ليسوع المسيح بدون اختلاط أو تشوّش أو انفصال أو انقسام
* نتائج مجمع خلقيدونية :
(أ) نفي بابا الأقباط لديوسقورس
(ب) إنفصال تدريجي لكنائس مصر والحبشة وسوريا وأرمينيا
(ج) إنقسمت الكنيسة إلى شطرين:
1- الكنائس الغير خلقيدونية : وتضم الكنيسة القبطية (ومعها الحبشية)، وكنيسة أنطاكية ،وكنيسة أورشليم، وكنائس آسيا الصغرى عدا القسطنطينية (وحالياً الكنائس الشقيقة للكنيسة القبطية الأرثوذكسية هي الكنيسة الحبشية والإريترية والسريانية والهندية والأرمنية)
2- الكنائس الخلقيدونية : تضم كنيسة رومية، وكنيسة القسطنطينية اللتين اعتنقتا المعتقَد القائل بأن للمسيح طبيعتين ومشيئتين
(((( ما معنى طبيعة واحدة ومشيئة واحدة ؟؟ )))))
(أ) الطبيعة : (طبيعة الإله وطبيعة البشر)
إذا أكل السيد المسيح مثلا فالقائلين بطبيعتين يقولون ليس الإله هو الذي يأكل بل الإنسان أو الطبيعة البشرية (الناسوت), وإن قام بمعجزة شفاء المرضى مثلا قالوا الإله أو الطبيعة الإلهية (اللاهوت) هو من قام بها
أما القائلين بطبيعة واحدة فيقولون : لا نفصل بين الطبيعيتين, فلا نتكلم عن طبيعة ونترك الأخرى, فعندما يأكل نقول ذهب ليأكل بدون القول الإله أو الإنسان فنقول أن المسيح له طبيعة واحدة بدون امتزاج ولا اختلاط بين الناسوت (الإنسان) واللاهوت (الإله)
(ب) المشيئة أو الرغبة (رغبة الإله ورغبة البشر)
هناك أيضا من قال بمشيئتين (إرادتين) للسيد المسيح واحدة إلهية والأخرى إنسانية, وهناك من قال لا نفرق بين المشيئتين فمشيئته للخلق والمغفرة مثلا هى مشيئة اللاهوت أما مشيئته للرزق مثلا فهى مشيئة الناسوت
نتيجة للخلاف حول هل السيد المسيح له طبيعة واحدة أم طبيعتين, مشيئة واحدة أم مشيئتين انقسمت المسيحية إلى فرقتين رئيسيتين :
1- الطائفة الأولى : الأرثوذكس ( الكنائس الشرقية) يعتقدون أن للسيد المسيح طبيعة واحدة ومشيئة واحدة أي اتحاد الصفات الإلهية مع البشرية بلا اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير في السيد المسيح
2- الطائفة الثانية : الكاثوليك (المذهب الملكاني) يعتقدون أن للسيد المسيح طبيعيتين ومشيئتين
ثم انشقت فئة عن الكاثوليك تزعمهم يوحنا مارون سنة (667 م), ذهب إلى أن للسيد المسيح طبيعيتين ولكن له مشيئة واحدة .... فأقيم مجمع القسطنطينية الثالث 680 ميلادية لمناقشة الفكرة
6- مجمع القسطنطينية الثاني 553 ميلادية
* هو المجمع المسكوني الخامس
* عقد فى القسطنطينية فى عهد الإمبراطور يوستنيانوس الأول
* رأس هذا المجمع إِفتيخيوس بطريرك القسطنطينية وحضره 163 اسقفا منهم ابوليناريوس بطريرك الاسكندرية، ودمنينوس بطريرك انطاكية، وثلاثة اساقفة كممثّلين لبطريرك اورشليم
* لم يحضر بابا روما هذا المجمع لكنه صادق على قراراته فيما بعد
* الأسباب الداعية لعقد المجمع : النظر في كتابات بعض اللاهوتيين اليونان وهم :
1- ثيودورس الموبسوستي اسقف قيصرية كبادوكية الميّال لتعاليم أوريجانوس
2- ثيودوريتوس أسقف قورش الذى كتب كتابات ضد إبسالات كيرلس الاثني عشر
3- إيباس الرهاوى أسقف الرها الذى كتب رسالة موجهة الى مارس أسقف العجم وكانت تطعن فى ابسالات كيرلس الإثنى عشر وفى مجمع أفسس وتدافع عن ثيوذروس ونسطوريوس
عُرفَت هذه الكتابات بت (الفصول الثلاثة) وحُكِمَ على هذه الكتابات بالهرطقة
* لم يسنّ هذا المجمع أية قوانين تشريعية
* أدان المجمع القائلين بأنّ المسيح لم يصبح جسدًا حقيقيًّا بسبب الخطيئة، وأنّ نفوس البشر وُجدت قبل الأجساد، وأنّها عند موت الأجساد تنتقل إلى أجساد أخرى (بدعة التناسخ أو التقمّص)
* أعاد المجمع التأكيد على التعاليم االتي أقرّتها المجامع المسكونيّة الأربعة السابقة
* أقرّ المجمع بأنّ يسوع المسيح، ابن الله، هو أحد أقانيم الثالوث القدّوس، وفي شخصه اتّحدت الطبيعتان الإلهيّة والإنسانيّة بدون امتزاج إحداهما مع الأخرى وبدون انفصال
* أبرز تعاليم أوريجانوس التي شجبها المجمع المسكوني الخامس هي استعادة الخلاص في نهاية الأزمنة لكل الناس، ووجود نوع من المرتبية بين الاقانيم الثلاثة
7- مجمع القسطنطينية الثالث 681 ميلادية
* هو المجمع المسكونى السادس
* منذ أن وصل هرقل إلى الحكم (610 – 641 م) أدرك ضرورة توحيد المونوفيسيت (القائلين بالطبيعة الواحدة) مع الكنيسة الأرثوذكسية الجامعة من أجل وحدة الدولة المسيحية وأمنها
* الصيغة العقائدية، التي طرحها سرجيوس بطريرك القسطنطينية لأجل تحقيق هذه الوحدة، هي : (القول بالفعل الواحد لطبيعة المسيح الواحدة المتجسدة) ... أى القول بأن جميع أعمال المسيح الإنسانية والإلهية صادرة عن فعل واحد أو قوة واحدة فاعلة فيه
* لاقت هذه الصيغة الجديدة استحسان العديد من المونوفيسيت، وبخاصة الأرمن والسوريين ، فأبدوا استعدادهم لقبولها وعلى أساسها القبول بمجمع خلقيدونية، فبدا بذلك أن طريق التوحيد بين الأطراف المتنازعة مفتوح
* سبب الإنعقاد :
1- رأى صفرونيوس القديس وهو راهب دمشقي المولد كان يقيم في دير الأنبا ثيوذوسيوس في بيت لحم، أن هذه الصيغة المبتدعة تخالف جوهريا عقيدة خلقيدون وبعد انتخابه بطريركا على أورشليم، قام ببعث رسائله إلى البطاركة وضمّن فيها موجز العقيدة المقدسة، وعقد مجمعا حرّم هذه الهرطقة الجديدة وأدان القائلين بها
2- بعد فشل محاولات هرقل التوحيدية، أصدر قسطنديوس الثاني (حفيد هرقل) قراراً عقائدياً يحظّر فيه كل جدل بشأن المشيئة مكتفيا بأقوال الكتاب المقدس وقرارات المجامع المسكونية السابقة .... غير أن مرتينوس، الذي انتُخب في العام 649 م بابا على كنيسة رومية، لم يأبه بهذا القرار، فعقد مجمعا في كنيسة اللاتران، حضره 105 أساقفة وعدد كبير من الرهبان شجبوا جميعهم القائلين بالمشيئة الواحدة ودانوا مروّجيها .... مما حدا بالامبراطور أن يأمر بتوقيف مرتينوس فنُفي إلى القسطنطينية ومن ثم إلى بلاد القرم حيث مات جوعا
* اغتيل الإمبراطور قسطنديوس الثاني في سراقوسة، فتولى السلطة بعده قسطنطين الملقب باللحياني الذي اقتنع، بعد مشاورات عديدة أقامها في أمر المشيئتين، بعدم جدوى التنازلات التي بُذِلت من اجل الوحدة مع المونوفيسيت والتي أساءت إلى الإيمان الأرثوذكسي، فدعا إلى مجمع توضع فيه الأمور في نصابها الصحيح ويتوطّد من خلاله السلام في الكنيسة
* التأم المجمع المسكوني السادس في القسطنطينية وحضره أكثر من 170 أسقفا، بينهم مكاريوس بطريرك إنطاكية ورأس المجمع جورجيوس بطريرك القسطنطينية
* أدان المجمع القائلين بالمشيئة الواحدة وأصدر تحديده العقائدي في التعليم بأن يسوع كان له مشيئتان طبيعيّتان وفعلان طبيعيّان من دون انقسام أو تحول أو انفصال، وتبعا لذلك فإن مشيئته الإنسانية لا تصادِم ولا تقاوِم مشيئته الإلهية الكلية القدرة بل بالأحرى تخضع لها
* كفر المجمع أتباع يوحنا مارون (الطائفة المارونية)
* تمت مطاردة (طائفة المارون) حتى استقروا في جبال لبنان (يطلق عليهم المارونيين ولهم بطريرك بلبنان), وظلوا مستقلين في مذهبهم, إلى أن أعلنوا الولاء لكنيسة روما (الكاثوليك ) عام 1182 مع بقائهم على مذهبهم
وبذلك أصبحت الفرق ثلاثة :
1- أرثوذكس : للمسيح طبيعة واحدة ومشيئة واحدة
2- كاثوليك : طبيعيتين ومشيئتين
3- مارون : طبيعيتين ومشيئة واحدة
* بعد ذلك حدث انشقاق داخل الكاثوليك أنفسهم بين كنيسة روما وكنيسة القسطنطينية حول إضافة كلمة (ابن) لقانون الإيمان .... فقانون الإيمان الذي ينص على أن (الروح القدس منبثق من الآب) , أضافت له كنيسة روما (والابن)
أي أنهم غيروا في قانون الإيمان "النيقاوي - القسطنطيني" إلى : نؤمن... (وبالروح القدس الرب المحيي، المنبثق من الآب والابن)
* نتيجة لذلك أقامت الكنيسة مجمع القسطنطينية الرابع الذي رفض رأي كنيسة روما
8- مجمع القسطنطينية الرابع 879 ميلادية
* قرر أن الروح القدس منبثق من الآب فقط وهذا مخالف لما أقرته كنيسة روما, فحدث الانفصال داخل الكاثوليك إلى :
1- كنيسة روما وتسمى الكاثوليكية أو اللاتينية أو الغربية أوالملكانية
2- كنيسة القسطنطينية وتسمى الروم أرثوذوكس أو الكنيسة اليونانية
وبذلك أصبحت الفرق الرئيسة أربعة :
(الأولى) – أرثوذكس : للمسيح طبيعة واحدة, الروح القدس من الآب فقط
(الثانية ) – كاثوليك : للمسيح طبيعيتين ومشيئتين, الروح القدس من الآب والابن
(الثالثة) - الروم الأرثوذكس : للمسيح طبيعيتين ومشيئتين,الروح القدس من الآب فقط
(الرابعة) – المارون : للمسيح طبيعيتين ومشيئة واحدة
* أصبح لكل فرقة من الفرق تشريعاتها الخاصة ومجمعاتها الخاصة
فعلى سبيل المثال أقامت الكنيسة الكاثوليكية (روما) المجمعات التالية :
1- مجمع روما 1225 (خاص بالكاثوليك) : تقرر فيه أن الكنيسة البابوية الكاثوليكية تملك الغفران وتمنحه لمن تشاء
2- مجمع روما 1869 (خاص بالكاثوليك) : تقرر فيه أن البابا معصوم
نشأة طائفة البروتستانت
* كلمة البروتستانت كلمة لاتينية معناها (المحتج)
* كانت كنيسة روما تفرض السيطرة على الأباطرة وتتمادى فى إخضاعهم تحت سلطانها فأدى هذا إلى نزاع شديد بين السلطتين الدينية والسياسية كان نتيجته ضعف البابوية وانحلالها
* نتج عن هذا الوضع بعض الحركات الإصلاحية المعارضة كان أبرزها حركة مارتن لوثر في القرن السادس عشر وهو الذي انشق عن الكنيسة الكاثوليكية وكون الكنيسة البروتستانتية
* كان مارتن لوثر راهباً كاثوليكياً وأستاذاً لعلوم الدين في جامعة ويتنبرج بألمانيا وراعياً لكنيستها أعلن معارضته للبابا وخروجه عن الكنيسة الكاثوليكية ثم أعلن فيما بعد أن البابوية ليست ذات مصدر إلهي وعندما استدعاه البابا إلى روما رفض ذلك ثم زاد في عناده فكان من جراء هذا أن حرمه البابا وأمر بإحراق كل كتاباته
* كان أهم اعتراضين عند مارتن لوثر:
1- الاستحالة (القربان المقدس) أو سر الإفخارستيا :
وهي من الشعائر المسيحية حيث يقوم الراهب باختيار رغيف من الخبز ثم تلاوة صلوات عليه ويعتقد المسيحيون أن السيد المسيح (ربهم) , يتجسد في الخبز تجسدا كاملا فمن يأكل الخبز فقد أكل جسد السيد المسيح الرب ليثبت فيه .... كما أن من يشرب الخمر في القداس فقد شرب من دم الرب, فيكون الرب فيه يعطيه قوة وينير له الطريق (لا تزال بقية الطوائف عدا البروتستانت تمارس هذا الطقس)
2- صكوك الغفران :
أصدر البابا ليو العاشر غفراناً شاملاً للعالم أجمع عام 1517م , ويتمتع بهذا الامتياز كل من يشتري صك الغفران وكان الغرض من هذا العمل هو الحصول على المال اللازم لبناء كنيسة القديس بطرس في روما, فكان من يدفع للكنيسة يحصل على صك غفران من الخطايا
* لجأ كثير من الناس إلى المذهب البروتستانتي الجديد هربا من الضرائب وهربا من سيطرة الكنيسة والبابا على الأفكار والعلم كما نشطت هجرة البروتستانت إلى العالم الجديد (أمريكا) فشكلوا نسبة كبيرة من المجتمع الأمريكي
أسس المذهب البروتستانتي :
(أ)- الكتاب المقدس هو المصدر الأعلى وليس تعاليم الباباوات
(ب) - الكتاب المقدس يفسر حرفيا وليس مجازيا
(ج) - يتاح لكل مسيحي تفسير الكتاب المقدس
أهم الخلافات بين الارثوذكس (الكنــائس الشرقية) والكاثوليك (كنيسة روما) هي :
1- يعتقد الكاثوليك بالطبيعيتين والمشيئتين في السيد المسيح ( الارثوذكس طبيعة واحدة ومشيئة واحدة)
2- يؤمن الكاثوليك بانبثاق الروح القدس من الآب والابن (الارثوذكس من الآب فقط)
3- القربان عند الكاثوليك (سرالتناول أو الإفخارستيا) يكون من الفطير فقط وليس فيه خمر (الأرثوذكس يكون فيه خمر)
4- يعتقد الكاثوليك أن العذراء نفسها وُلدت وهى لا تحمل الخطيئة الأصلية مما يسمى عقيدة الحبل بلا دنس (الأرثوذكس يقولون أن الروح القدس طهرها ولكن كان يلزم لها الفداء أيضا)
5- يغالي الكاثوليك في السيدة العذراء عن باقي الطوائف ويؤمنون أن العذراء شريكة في عمل الفداء وأنه لا تأتى نعمة إلى البشر إلا عن طريق العذراء ويسمونها (سيدة المطهر) ويؤمنون بعصمة العذراء الكاملة من الخطأ
6- يؤمن الكاثوليك بعصمة البابا وبرئاسة روما للكنائس المسيحية في العالم كله وهذا ما لا يقبله الأرثوذكس وغيرهم من الطوائف
7- قام الكاثوليك بتبرئة اليهود من دم المسيح (المجمع الفاتيكاني الثاني سنة 1965)
أهم الخلافات بين (الأرثوذكس والكاثوليك) والبروتستانت هى :
1- يعتقد البروتستانت بالطبيعيتين والمشيئتين في السيد المسيح (مثل الكاثوليك وخلافا عن الأرثوذكس)
2- يؤمن البروتستانت بانبثاق الروح القدس من الآب والابن (مثل الكاثوليك وخلافا عن الأرثوذكس)
3- لا يؤمن البروتستانت بالاعتراف على يد كاهن ويعترفون لله مباشرة (خلافا للكاثوليك والأرثوذكس)
4- لا يؤمنون بسر الإفخارستيا ( التناول- الاستحالة), فلا قداس ولا ذبيحة إلهيه ولا إيمان بتحويل الخبز والخمر إلى جسد ودم المسيح (خلافا للكاثوليك والأرثوذكس) 5- حذفوا بعض الأسفار (الأسفار الثانية) من طبعتهم الخاصة للكتاب المقدس ودعوها أبوكريفا (أسفار غير قانونية)
6- يؤمنون بالحكم الألفي أي أن المسيح سيعود ليحكم ألف سنة (خلافا للكاثوليك والأرثوذكس)
7- لا يؤمنون باستمرار عذرية السيدة العذراء فعندهم السيدة العذراء تزوجت وأنجبت (خلافا للكاثوليك والأرثوذكس)
8- لا يؤمن البروتستانت بسلطة البابا, ويعتقدون أن الكتاب المقدس يفسر حرفيا ومن حق كل مسيحي تفسيره (خلافا للكاثوليك والأرثوذكس)
9- لا يطبق البروتستانت الطقوس والصيام الغير موجودة بالكتاب المقدس (خلافا للكاثوليك والأرثوذكس)
وينقسم البروتستانت إلى العديد من الطوائف والكنائس مثل : المعمدانية – المنهجية - الأسقفية – اللوثرية – المشيخية – المورمونية - الإصلاحية - السبتية وغيرها
9- مجمع نيقية الثانى 787 ميلادية
* هو المجمع المسكونيّ السابع
* سببه : البحث فى مسالة رفض الأيقونات
* تألف المجمع من 367 أباً وكان رئيسه البطريرك طراسيوس
* كان القديس ثيوذورس الستوديتي اشهر المدافعين عن الأيقونات
* اعترف الآباء بوجوب تكريم الأيقونات وقبلوها فقالوا بإكرامها بالسجود احتراماً للذين صوّرت عليهم لا عبادة لهم لأن العبادة إنما تجب لله وحده دون غيره وميّزت قرارات المجمع بين التكريم الواجب للأيقونات وبين العبادة التي لا تجوز سوى لله وحده
* قرّر المجمع في وجه محاربي الأيقونات ومحطّميها التأكيد على أنّ تكريم الأيقونات المقدّسة وإبرازها ينبغي أن يعمّ الكنائس والمنازل
* اعتبر المجمع رفض رسم الأيقونات وتكريمها بمثابة إنكار لإنسانيّة الربّ يسوع، وإنكار للخلاص
المجامع المسيحية وتاريخ انشقاق الطوائف الكنائس
أدوات القراءة
- أصغر صغير متوسط كبير أكبر
- Default Helvetica Segoe Georgia Times
- قراءة خاصة