منشأ هذه الشبهة:
هو قوله تعالى: (وإن إلياس لمن المرسلين * إذْ قال لقومه ألا تتقون * أتدعون بعلاً وتذرون أحسن الخالقين * الله ربكم ورب آبائكم الأولين * فكذبوه فإنهم لمحضرون * إلا عباد الله المخلصين * وتركنا عليه فى الآخرين * سلام على إلياسين) (1) .
موضع الشاهد على الشبهة عندهم هو " إلياسين " ولكنهم ـ لسوء قصدهم ـ اتبعوا طريقة حذف مزرية فى هذه الآيات، وكان يكفيهم بدل هذه الحذوفات أن يقتصروا على " إلياسين " وحدها، وقد يكون الداعى إلى ذكر ما ذكروا هو أن يقولوا إن القرآن تحدث عن " إلياس " والضمائر العائدة عليه حديث المفرد، ثم عاد فجمع " إلياس " وهو علم مفرد، جمع المذكر السالم المجرور بـ " الياء "، هكذا " إلياسين "، ثم علقوا على هذا الذى فهموه بقولهم:
" فلماذا قال " إلياسين " بالجمع عن " إلياس " المفرد؟ فمن الخطأ لغوياً تغيير اسم العَلَم حباً فى السجع المتكلف.
وجاء فى سورة " التين " (والتين والزيتون * وطور سينين * وهذا البلد الآمين) (2) .
فلماذا قال سينين بالجمع عن سيناء؟ فمن الخطأ لغوياً تغيير اسم العَلَمَ حباً فى السجع المتكلف "؟
هذا قولهم، ذكرناه بالحرف الواحد. وكما يرى القارئ الكريم أن هذه الشبهة شبهتان: إحداهما فى " إلياسين "، والثانية فى " سينين " وإن كان المقصود لهم من الشبهتين واحداً.الرد على الشبهة:
عرض المفسرون واللغويون عدة توجيهات لمجىء إلياس على إلياسين، فالإمام الزمخشرى قال مرة إن زيادة الياء والنون ربما كان له معنى فى اللغة السريانية، وقال مرة إن إلياسين لغة فى إلياس، كما أن إدريسين لغة فى إدريس، وعلى هذا فإن " إلياسين " ليس جمعاً. وإذا كان جمعاً فإن المراد إلياس مضموماً إليه من آمن به من قومه، كما قالوا الخبيبون والمهلبون، فى الخبيب والمهلب أى تسمية الاتباع اسم المتبوع (3) .
ويقوى هذا قراءة نافع وابن عامر وعلى: آل ياسين، وياسين، وأن " ياسين " هو أبو " إيليا " واحد (4) من أنبياء بنى إسرائيل.
ويرى هذا الرأى آخرون غير من تقدم ذكرهم (5) .
ويرى باحث حديث أن " إلياس " هو " إيليا " أحد أنبياء بنى إسرائيل، المذكور فى سفر الملوك الأول بهذا الاسم " إيليا " (6) .
وأن أصله فى اللغة العبرية " إلياهو " أى " إيل + ى + ياهو:
أى إيلى ياهو، أو يهو. ومعناه: الله إلهى أو الله ربى.
وأن مجيئه فى القرآن مرتين (إلياس) فى حالة المنع من الصرف للعلمية والعجمة. أما فى سورة الصافات فكان مجيئه مصروفاً هكذا " إلياسين "، وأن علامة صرفه هى " التنوين " أما " الياء " فتولد عن إشباع الكسرة تحت " السين " أى أن أصله فى حالة الصرف " إلياسن " فلما أشبعت الكسرة صار " إلياسين " وأن المقتضى لصرفه هنا هو رؤوس الآى.
هذا فيما يختص بالشبهة الأولى. أما الشبهة الثانية وهى " طور سنين " فالرد عليها فى الآتى:
ليست " سينين " جمعاً كما توهم مثيرو هذه الشبهات، الذين يقفون عند ظواهر الكلمات فإن وجدوا فيها ما يشبع رغبتهم فى التشفى من القرآن والتحامل عليه ملأوا الدنيا ضجيجاً، وإن لم يجدوا ملأت قلوبهم الحسرة، ورجعوا خائبين.. نعم ليست " سينين " جمعاً كما زعموا، بل هى لغة فى "سيناء" بكسر السين، كما أن " سَيناء " بفتح السين لغة فيها. وبهاتين اللغتين: سِيناء، بالكسر، وسَيناء بالفتح وردت القراءات، فهى إذن فى القرآن لها ثلاثة لغات:
- سِيناء بكسر السين.
- سَيناء بفتح السين.
- وسِنيين، بكسر السين وياءين ونونين.
كما أن البلد الحرام لها فى القرآن عدة أسماء (7) :
- مكة
- بكة
- أم القرى
- البلد الأمين.
(1) الصافات: 123-130.
(2) التين: 1-3.
(3) الكشاف (3/352) .
(4) الدر المصون (9/328) .
(5) معانى القرآن للفراء (2/391) وعلل القراءات (579) .
(6) الإصحاح (16) الفقرات (31-33) .
(7) انظر: من إعجاز القرآن، العلم الأعجمى مفسراً بالقرآن (2/167) للأستاذ رؤوف سعد.
جَمْعُ اسمِ عَلَمٍ يجب إفراده
أدوات القراءة
- أصغر صغير متوسط كبير أكبر
- Default Helvetica Segoe Georgia Times
- قراءة خاصة