من الغريب ان يعتقد الكثير من البشر بان من فعل الخطيئة الاولى هو ادم بينما الذى تفضل بفعل هذه الخطيئة هو ابليس وهذه الحقيقة تتجاهلها امة كاملة من البشر لانها يمكن ان تشوش على اساس معتقدهم مع ان الانجيل يقرها .
ففى الفقرة الثامنة من رسالة يوحنا الأولى يقول الانجيل: (من يفعل الخطية فهو من إبليس لأن إبليس من البدء يخطئ ) فابليس هو اول من عصى الله وامتنع عن السجود لادم بل اكثر من ذلك استمر فى عصيانه ولم يرجع او يتوب او حتى يعتذر و اخذ عهدا على نفسه باضلال كل البشر حتى يشتركوا معه فى مصيره المحتوم .
فرحمة الله لا ولن تتغير وكذلك عدله فلماذا لم يعاقب الله ابليس لانه عادل ولماذا ايضا لم يرحمة لانه رحيم فتنشأ بذلك مشكلة تحتاج الى التوفيق بين العدل والرحمة مما يستوجب تضحية استرضائية تنجى ابليس من الجحيم .
اذن لو صح وكان هناك فداء لكان من الاعدل والأحكم صلب ( بعلزبول ) رئيس الشياطين الذي أغوى آدم وحواء وبدأ بالخطأ .
فياتى من يحمل عنه خطيئته في صورة فداء ... واذا كان حامل الخطيئة هو واحد فقط وسوف يحملها عن فئة واحدة فقط من الخلق الا يكون ابليس هو الاولى نظرا للترتيب المنطقى فهو من فعل الخطيئة اولا ... هل هناك سبب اخر يمنع من حمل خطيئة ابليس ؟ هل خطيئة ابليس هى الاكبر ؟ اذا كانت خطيئة ابليس هى الاكبر فهذا دليل على ان هناك خطيئة صغيرة وخطيئة كبيرة فيجب ان نفرق بينهما فى المردود والعقاب واذا كان العصيان خطيئة فان الكفر بلا جدال هو اكبر خطيئة يمكن ان يفعلها الانسان كما قلنا سابقا واذا كان الله تعالى قد غفرها بدون حمل لمن آمن افلا يمكن ان يغفر ما هو اقل منها اذا اراد بدون الكلام فى الحمل او خلافة فالمهم هو المشيئة الالهية , هل هناك سبب اخر متعلق بخطيئة ابليس هل السبب هو اختلاف الخلق بعضهم عن بعض فاذا كان هناك سبب مثل ذلك فهذا دليل على اختلاف المخلوقات بعضها عن بعض سواء فى مادة الخلق او القدرات فمن اين جاء هذا الاختلاف ؟ , اليس هذا الاختلاف متعلق بارادة الله تعالى ومشيئته فهو الذى خلق الملائكة من نور و شانهم الطاعة , و من دون اب او ام , وخلق البشر من تراب وشانهم يتردد بين الطاعة والعصيان لقدرتهم على فعل الطاعة من جانب , ومقاومة الشر من جانب اخر , ولهم الاختيار بين ذلك وذلك و من اب وام وخلق ادم من دون اب و ام , وخلق حواء من اب دون ام ولكى تكتمل الحلقة المتعلقة بطلاقة القدرة الالهية خلق المسيح من ام دون اب مع العلم بان البشر يحاربون اشياء تعوق سيرهم الى الله لا توجد فى غيرهم يجب ان تاخذ فى الاعتبار عند التقييم النهائى كحرب الشيطان والغرائز والنفس فهناك فرق بين المجاهد وغير المجاهد فلا يمكن ان انظم سباق بين سلحفاة وارنب بدون اخذ سرعة الارنب وبطىء السلحفاة الخارج عن ارادتها فى الاعتبار عند الحكم النهائى او انظم سباق بين ارنب , وارنب اخر مع وضع عوائق فى طريق احدهما وتمهيد طريق الاخر مع عدم اعتبار وجود العوائق بالنسبة لاحدهما وانعدامها بالنسبة للاخر عند الحكم النهائى ايضا .
وكل انسان يجب ان يكون مسؤول عن اختياره هو فقط لا اختيار احد اخر وان لم يحدث ذلك فلن يكون هناك حكمة من الاختيار فى الاصل وكان وجوده عبث , فالانسان يحاسب عن نفسه فقط الا فى حالة واحدة فقط يمكن ان يحاسب فيها عن غيره وهى اذا اعان غيره على فعل الخطا او كان له دخل فيه بطريق اخر , ففى هذه الحالة يتحمل المسؤلية عنه , وعن غيرة كما قلنا سابقا حتى يكون هناك زجر فلا يعين احد احد اخر على الشر بجر قدمه الى هاوية او اسقاطه فى بحر للرذيلة بادمان المخدرات مثلا ولنا فى الحية مثال.
الاختلاف بين ادم وابليس
فاذا كان الله لا يتغير ذاتا او صفاتا ولا يمكن ان يكون قد ظلم ابليس فلماذ لم يتكرر المشهد الذى حدث مع ادم مع ابليس ؟ .
ليس هناك الا ان يكون الاختلاف فى الاصل كان بين ادم , وابليس , وليس له علاقة بالصفات الالهية وبالاخص العدل والرحمة , كما يجب ان يكون مبنى على شىء واحد فقط , وهو اختيار , وحالة كلا منهما عند فعل الخطيئة .
فادم عند فعله للخطيئة كان ناسيا كما انه تاب بعد ذلك , وطلب الصفح والغفران فغفر الله له باعطائه فرصة اخرى فى الارض لاثبات الكفاءة , وهناك وسائل كثيرة للمغفرة ذكرها الانجيل ليس لها علاقة بصلب او فداء اقلها عمل اللسان , بينما ابليس كان على العكس من ذلك تماما فعل الخطيئة متعمدا ولم يحزو حزو ادم بطلب صفح او غفران , بل استمر على عصيانه , و اخذ عهدا على نفسه باضلال كل البشر , وعندما سأل الله طلب مطلب غريب وهو انذاره الى يوم البعث لينفذ ما عاهد به نفسه من اضلال للبشر ومع ذلك لبى الله له هذا الطلب وكان يمكن ان يغفر له لو سال الله ذلك ولكنه لم يفعل .
وان بحثت عن اوجه لللاختلاف بين ادم وبين ابليس داخالة فى ارادة كلا منهما (لان الانسان لا يحاسب الا على اختياره ) ادت الى هذا الاختلاف لن تجد غير هذين الوجهين واللذان يفسران ايضا ما حدث من بداية خلق ادم وحتى انزاله الى الارض , كعدم معاقبتة بعد فعل الخطيئة مباشرا او عدم فدائه فى اسرع وقت حتى لا يتم تعطيل ميزان العدل وايضا عدم معاملة ابليس كأدم فى تقديم اضحية لخلاصه من الجحيم , و كل ذلك يبطل القول بالصلب او الفداء .
واخيرا "اذا الكنيسة تنسب أصل الخطيئة إلى آدم. مع تعارض هذا مع التوراة التي تجعل أصل الغواية حواء. فحواء هي التي أغوت آدم، إذ قال آدم لله مدافعاً عن نفسه : (( المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة فأكلت )) (تكوين 3 : 12) بل إن حواء بدورها نسبت الغواية إلى الحية، إذ قالت دفاعاً عن نفسها : (( الحية غرتني فأكلت )) ( تكوين 3 : 13 ) . وحسب التوراة عاقب الله الحية بزحفها على بطنها وعاقب حواء بأوجاع الولادة وعاقب آدم بطرده من الجنة فإذا أردنا إرجاع الخطية إلى أصلها الأول فاصلها الأول هو الحية وليس أدم ولا حواء ( حسب الكتاب ). !!!!
الخطيئة الاولى هل كانت لادم ام كانت لابليس؟
أدوات القراءة
- أصغر صغير متوسط كبير أكبر
- Default Helvetica Segoe Georgia Times
- قراءة خاصة